أثارت واقعة تنازل شقيق المجني عليها، المعروفة إعلاميًا باسم “عروس المحلة”، عن حقه المدني في القصاص، بعد قتل زوجها لها، ليحصل الجاني على حكم بسنتين حبس فقط، وهو ما أثار الجدل الواسع، ففي مثل هذه الوقائع كان يجب أن يحصل القاتل على حكم بالإعدام شنقًا، فمن قتل يقتل، وفي هذه الواقعة قام الجاني بإزهاق النفس بغير وجه حق، ولكن وفقًا للقانون، في حالة الصلح والتنازل عن بعض القضايا، يمكن أن ترفع التهمة عن الجاني نهائيًا، وممكن أن ترفع عنه حق المجني عليه فقط، ويبقى حق المجتمع يحتاج لتطبيق حكم رادع للحد من الجرائم.
وفي واقعة قتل “عروس المحلة”، وتنازل شقيقها عن القضية، بحكم أنه الوريث الشرعي لها، بعد وفاة والدها حزنًا عليها، خفف الحكم من الإعدام إلى حكم بسنتين حبس فقط، وتسبب الشقيق بغير وجه حق في ضياع حق الضحية الشرعي.
ومع الأسف لم تكن جريمة قتل الزوج لزوجته، بعد مرور فترة وجيزة من الزواج، حادثة نادرة، ولكن في السنوات الأخيرة أصبحت حادثة متكررة وشائعة جدًا، وتنفيذ هذه العقوبات المخففة ستفتح الباب لارتكاب الكثير من الجرائم بدون قلق من تنفيذ عقوبة رادعة.
تفاصيل الحكم في قضية قتل عروس المحلة
خلال الشهور الماضية، أُثيرت قضية شغلت الرأي العام، وهي مقتل “عروس المحلة” على يد زوجها بعد فترة وجيزة من الزواج، وفي يوم 17 أبريل 2024، سطرت محكمة جنايات المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، النهاية بشكل أثار الجدل والريبة، بمعاقبة المتهم بقتل زوجته بمدينة المحلة الكبري بسبب غيرتها، بالسجن عامين فقط، في القضية رقم 828 لسنة 2024 جنايات قسم ثان المحلة والمقيدة برقم 38 لسنة 2024 كلي شرق طنطا، بعد تنازل شقيق زوجته عن القضية أمام المحكمة.
جاء القرار بناءً على تنازل شقيق الضحية عن الحق المدني، بحكم أنه الوريث الشرعي لها بعد وفاة والدها حزنًا عليها، فالقانون المصري يقوم بتخفيف العقوبة وعدم الحكم بالإعدام أو المؤبد في حالة تنازل أهل الضحية عن الإدعاء بالحق المدني.
كان المتهم اعترف خلال التحقيقات بأنه قتل المجني عليها مستخدمًا سلاح أبيض داخل شقة الزوجية بعد مشاجرة نشبت بينهما بسبب غيرتها الزائدة عليه.
تفاصيل واقعة قتل عروس المحلة
تعود أحداث الواقعة يوم 3 ديسمبر، إلى تلقي الأجهزة الأمنية بمديرية أمن الغربية بلاغًا من الأهالي بالعثور على جثة سيدة تبلغ من العمر 22 عامًا ترتدي كامل ملابسها ومسجاه على ظهرها وبها طعنة نافذة بالبطن وممسكة بيدها سلاح أبيض “سكين” وعليه آثار دماء.
وتبين أن الجثة لفتاة تدعى “روان. م” ربة منزل، وأن وراء ارتكاب الواقعة زوج المجني عليها، وتم القبض عليه وإحالته إلى المحاكمة.
وجاءت أقوال شاهد العيان حول الواقعة، كالتالي: “اسمي محمد. ا. ع 41 سنة، وأعمل تاجر سيارات وقطع غيار سيارات ومقيم بالمحلة الكبرى”، وبسؤاله عن معلوماته حول الواقعة، أجاب: “اللي حصل أن يوم الواقعة بالليل حوالي الساعة 1:47 لقيت “أحمد. ع” “القاتل” بيتصل بيا على التليفون المحمول بتاعي وبيقولي تعالى شقتي بسرعة لأن كان فيه خناقة بينه وبين مراته، ومراته واقعة على الأرض وفاقدة الوعي ومبتتكلمش ولا بتنطق”.
وأضاف الشاهد في أقواله: “وهو مش عارف يعمل إيه وقالي تعالى عشان نوديها أي مستشفى فأنا قلت له حاول تفوقها لحد لما اجيلك فهو قالي إن هي فيها خبطة في بطنها، وبسأله جت منين قالي إن هي كانت بتضربه بسكينة بس معرفش الضربة جت منين فانا قلقت من كلامه، وقلت له أنا جايلك في الطريق واتصلت على القسم”.
قضايا يجوز فيها التصالح في القانون
الصلح في القضايا لا يجوز على جميع الجرائم، حيث يحدد القانون أفعالًا بعينها يتم فيها الصلح، نظرًا لأنها تتعلق فقط بالجاني والمجني عليه. وقد يرفض المشرع الصلح أو التصالح في بعض الجرائم لأنها تضر المجتمع.
ومن الجرائم التي نص القانون على الصلح فيها، وفق لما نصت عليه المادة 18 مکرر “أ” من قانون الإجراءات الجنائية، وهي جرائم بعينها أجاز المشرع فيها الصلح، فالقتل الخطأ على سبيل المثال يجوز فيه التصالح، أما القتل العمد فلا يجوز فيه، وكذلك قضايا الإتلاف والضرب والسب، على عكس وقائع الاغتصاب والسرقة وهتك العرض وغيرها، فلابد فيها من معاقبة الجاني بحق المجتمع.
ويترتب على الصلح انقضاء الدعوى ولو کانت مرفوعة بطريقة الإدعاء المباشر . وتأمر النيابة بوقف تنفيذ العقوبة إذا حصل الصلح أثناء تنفيذها ولا أثر للصلح على حقوق المضرور من الجريمة.
وإذا وقع الصلح بعد إحالة الدعوى الجنائية للمحکمة تصدر المحکمة حکمًا بانقضاء الدعوى الجنائية بالصلح وإذا وقع الصلح أثناء نظر الطعن في الحکم أمام محکمة النقض، تحکم المحکمة برفض الطعن بسبب الصلح ويوقف تنفيذ العقوبة.
والصلح يشمل نوعين من الجرائم “جرائم الأشخاص ، جرائم الأموال”، ويتم التصالح في أربع جهات، هي أقسام الشرطة بموجب محضر رسمي، الاستيفاء بالنيابة، أمام المحكمة المختصة، أو محضر صلح موثق بالشهر العقاري.
وإسقاط العقوبة بالتصالح مع متهم في قضية يجوز فيها ذلك، يسقط العقوبة عن باقي المتهمين، أما إذا تعدد المجني عليهم، فيجب الصلح مع جميع الأطراف، حيث إن تصالح مجني عليه واحد أو اثنين لا يأتي أثره في العقوبة.
التصالح في القانون وإسقاط العقوبة
أوضح مصدر قضائي، في تصريحات خاصة لموقع “البوابة نيوز”، أن التصالح في بعض الجرائم لا يسقط العقوبة لوجود ما يسمى حق المجتمع، حيث إن التصالح في جرائم الشرف لا ينفي التهمة عن المجتمع، كالسرقة على سبيل المثال، لو تنازل المجني عليه عن حقه من السارق، فيبقى عليه حق القانون والمجتمع، ويحبس ويحاكم على جريمته، وسقوط العقوبة في ذلك الوقت يكون بنفي المجني عليه ارتكاب المتهم للواقعة، أي يقول إنه ليس مرتكب الحادث، بذلك لا يكون عليه تهمة.
أما في حالات الاغتصاب يكون التصالح سببًا لسقوط العقوبة، بعد زواج المتهم من المجني عليها، وبناء على رغبة الأهل ولعدم المساس بسمعة الفتاة تقفل القضية، ولكن يحق للمحقق وجهات الاختصاص حبس المتهم حتى إذا تم التصالح، وكذلك وقائع خطف الأنثى، التصالح يكون شريطة الزواج من المجنى عليها.
وأضاف أنه في حالات الضرب البسيط، أو الإهانة والمشاجرات العادية، والجنح والمخالفات، تسقط العقوبة بالتصالح.
ختامًا، مع زيادة الجريمة والعنف ضد النساء بمختلف أشكاله، خلال السنوات الأخيرة، نجد أن قانون مناهضة العنف الموحد سيكون سببًا في عدول الجناة عن ارتكاب جرائمهم، وسرعة الموافقة على مثل هذا القانون سيكون حلًا ليأخذ القضاء مجراه في مختلف الجرائم المرتكبة ضد النساء.