شهادات حقيقية لـ”صوت” عن التحرش في أماكن العمل

التحرش في أماكن العمل هي قضية إنسانية تمس معظم النساء، بسبب تعرضهن الدائم لمواقف بها نوع من أنواع التحرش، سواء كان لفظيًا أو جسديًا، أو أن يتمادى الأمر بطلب جنسي صريح بإقامة علاقة جنسية من المدير أو زميل العمل أو حتى من عميل. والتحرش في مكان العمل يولد شعور دائم بالانتهاك والإهانة وعدم الارتياح والأمن والسلامة في مكان العمل، ويضع المرأة تحت ضغط مستمر، يجعلها تفقد تركيزها في أداء عملها، وبالتالي قلة الإنتاجية، وبالتالي تتعرض السيدة لاتهام مباشر بالتقصير في العمل.

وفي موضوعنا هذا، قد رصدنا عدد من الوقائع الحقيقية وحصلنا على شهادات موثقة خاصة بمبادرة صوت لدعم حقوق المرأة، لعدد من الحالات التي تعرضن بشكل مباشر لحالات تحرش في مكان العمل، أو شاهدن وقائع في أماكن عملهم.

شهادات حقيقية موثقة لوقائع تحرش داخل أماكن العمل

حصلت مبادرة “صوت” على عدد من الشهادات الحقيقية الموثقة، لوقائع تحرش داخل أماكن العمل، فقالت لنا “س.ع”، فتاة عشرينية عاصرت بنفسها واقعة تحرش لإحدى زميلاتها، استغل مدير العمل حالتها الصحية وتعرضها للإغماء، وقام بتحرش جسدي صريح: “كان فى بنت معانا حصلها حالة إغماء .. ورئيس التحرير كان عاوز يقرب منها بأي شكل عشان يلمسها وبعد كده قولناله خلاص احنا هنساعدها .. واحنا بنفوقها هو كان بيقرب من البنات ويحاول يلمسهم منغير ما ياخدوا بالهم.. وبعدين بعد ما فاقت خدها المكتب عنده وقفل الباب”.

بينما حكت لنا “ي.أ”، سيدة رفضت ذكر اسمها، لـ”صوت”، عن مديرها بالعمل كان يتعمد التحرش بالفتيات داخل إطار العمل، بكل أشكاله، اللفظي والجسدي، قائلة: “مديري في الشغل كان بيتعمد يقرب من مكاتب البنات ويمد ايده حولينا أو ادامنا على المكتب وكأنه بيتابع الشغل معانا وهو بيبص على الشاشه وفي مره قال لبنت وهو بيبص على البنطلون بتاعها وعلق علي شكله تعليق سخيف”.

أما “أ.م”، حكت لـ”صوت” عن زميل العمل الذي كان يقوم بتقديم طلبات جنسية صريحة لزميلاته من النساء، أثناء الارتباط بعلاقة عاطفية معه، قائلة: “زميلي في الشغل بيتعرف على البنات وبيوهمهم بالارتباط عشان يطلب منهم “طلبات جنسية” وبعد كده يقطع علاقته بيهم”.

وهذه المرة، حصلنا على شهادة موثقة من شاب يدعى “ب.ع”، رفض ذكر اسمه، أوضح واقعة تحرش داخل مكان العمل، لزميل له يقوم بإيقاع الفتيات الصغيرات في السن في فخ “وهم الحب الكاذب”، ومع تطور العلاقة يطلب منهن إقامة علاقة كاملة ولعدم خبرتهن، مستغلًا صغر سنهن، يوافقوا على طلباته، قائلًا: “كان معانا شاب في الشغل بيختار البنات الصغيره في السن وبيرتبط بيهم وبيعمل معاهم علاقات كاملة، وكان بيفتخر بده وبيحكيه لصحابنا”.

خطوات الإبلاغ عن وقائع التحرش في أماكن العمل

بعد أن عرضنا عدد من الشهادات الحقيقية لوقائع تحرش جنسي داخل مكان العمل، يجب أن يكون لكي رد فعل لتعرضك لتحرش، وهي بالإبلاغ عن الواقعة دون خوف، وتأتي خطوات تحرير البلاغ في الآتي:

• محاولة الإمساك بالمتحرش والتحدث مع الشهود إن وجد ليكونوا بجانبك أثناء تحرير المحضر.
• الذهاب إلى أقرب قسم شرطة وتحرير محضر ضد الشخص المتحرش.
• أثناء تحرير المحضر، سيتم سؤالك بعض الأسئلة المتعلقة بهويتك الشخصية، وعلاقتك بالمتحرش.
• وكذلك يسأل الشهود عن هويتهم الشخصية وأین كانوا وقت وقوع الحادث، وماذا شاهدوا بالضبط؟.
• في حالة الإمساك بالمتحرش: سیتم استجوابه، وفي حالة عدم الإمساك بالمتحرش، سیتم سؤال المجنى علیها حول إمكانية الإدلاء بالمعلومات عن أوصاف الجاني.
• یقید المحضر برقم أحوال حتى یتم استجواب المتحرش، وسيتم تحویل المجني علیها والجاني والشهود للنیابة، للتحقیق مع كل منهم، وسماع شهادة الشهود، مع مندوب من القسم برفقته أصل المحضر.
• بعدها توجه تهمة التحرش إلى الجاني، ويحجز وتحدد جلسة لعرض المتهم أمام القضاء وإدانته بالعقوبة المناسبة.

عقوبة التحرش في مكان العمل

في ديسمبر 2023، صدق الرئيس السيسي، على تعديل جديد في قانون العقوبات بخصوص تغليظ عقوبة التحرش، وتم نشره في الجريدة الرسمية، لتنفيذ العقاب بشكل رسمي، وهي كالآتي:

نصت المادة (306 مكررًا أ) بعد التعديل على: “يُعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز أربع سنوات، وبغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه، ولا تزيد على مائتى ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير فى مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأي وسيلة بما فى ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية أو الإلكترونية، أو أي وسيلة تقنية أخرى، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تجاوز خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تزيد على ثلاثمائة ألف جنيه ، أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا ارتكبت الجريمة فى مكان العمل أو فى إحدى وسائل النقل أو من شخصين فأكثر أو إذا كان الجانى يحمل سلاحًا أو إذا تكرر الفعل من الجانى من خلال الملاحقة والتتبع للمجنى عليه . وإذا توافر ظرفان أو أكثر من الظروف المشددة الواردة بالفقرة الثانية من هذه المادة يكون الحد الأدنى لعقوبة الحبس أربع سنوات. وفى حالة العود تضاعف عقوبتا الحبس والغرامة فى حديهما الأدنى والأقصى”.

وينص تعديل المادة (306 مكررًا ب / فقرة ثانية)، على: “فإذا كان الجانى ممن نص عليهم فى الفقرة الثانية من المادة (267) من هذا القانون أو ممن له سلطة وظيفية أو أسرية أو دراسية على المجنى عليه أو مارس عليه أى ضغط تسمح له الظروف بممارسته عليه، أو إذا ارتكبت الجريمة فى مكان العمل أو فى إحدى وسائل النقل أو من شخصين فأكثر أو إذا كان الجانى يحمل سلاحًا تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات، أما إذا توافر ظرفان أو أكثر من الظروف المشددة الواردة بهذه الفقرة تكون العقوبة السجن مدة لا تقل عن عشر سنوات”.

وتنص المادة (309 مكررًا ب / فقرة ثالثة) بعد التعديل على: “وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تزيد على مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، إذا ارتكبت الجريمة فى مكان العمل أو فى إحدى وسائل النقل أو من شخصين أو أكثر أو إذا كان الجانى من أصول المجنى عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان مسلمًا إليه بمقتضى القانون أو بموجب حكم قضائى أو كان خادمًا لدى الجانى، أما إذا اجتمع ظرفان أو أكثر من الظروف المشددة السابقة يضاعف الحد الأدنى للعقوبة”.

اتفاقية C190 للقضاء على التحرش في أماكن العمل

اتفاقية C190 هي اتفاقية بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل، تم اعتماد الاتفاقية في يونيو 2019 من قبل المؤتمر الدولي لمنظمة العمل الدولية، وتركز الاتفاقية على الاحداث التي تقع في سياق العمل أو تكون مرتبطة به أو ناشئة عنه، وتحترم كل دولة عضو تصدق على هذه الاتفاقية، وتعزز وتطبق حق كل إنسان في التمتع بعالم خالٍ من العنف والتحرش.

ومن المبادئ الأساسية لاتفاقية C190:

1- حظر قانوني للعنف والتحرش.

2-  ضمان أن تتناول السياسات المعنية ظاهرة العنف والتحرش.

3- اعتماد استراتيجية شاملة ترمي إلى تنفيذ تدابير كفيلة بمنع العنف والتحرش ومكافحتهما.

4- إرساء آليات لإلنفاذ والرصد أو تعزيزها.

5- ضمان توفير سبل الانصاف والدعم للضحايا.

6- النص على عقوبات.

7-وضع الأدوات وتوفير الإرشاد والتعليم والتدريب واستثارة الوعي، بنُسق مُيّسرة حسب مقتضى الحال.

8- ضمان وسائل فعالة للتفتيش والتحقيق في حالات العنف والتحرش، بما في ذلك من خلال تفتيش العمل أو غيرها من الهيئات المختصة.

أهمية التصديق على اتفاقية C190 من قبل مصر

رغم تزايد معدلات التحرش بالمرأة في أماكن العمل، إلا أن مصر لم تصدق على اتفاقية C190 الدولية، رغم تصديق عدد كبير من الدول عليها، ولكن أصبح هناك في الوقت الحالي ضرورة ملحة بسرعة التصديق على الاتفاقية C190، للأسباب الآتية:

– لأن التحرش داخل أماكن العمل يشكل انتهاكًا لحقوق الإنسان وتحديدًا النساء منهم.

– لأن التحرش في عالم العمل قد يمنع النساء، من الوصول إلى سوق العمل والبقاء والتقدم فيه.

– لأن التحرش يهدد تكافؤ الفرص، وهو غير مقبول وغير متوافق مع العمل العادل ومبدأ المساواة بين الجنسين.

– لأن التحرش يؤثر على الصحة العقلية والنفسية للمرأة.

– لأن التحرش وشعور المرأة بالانتهاك، لا يتوافق مع تعزيز الاستدامة، مما يؤدي إلى الإضرار بالعلاقات في مكان العمل، وإنتاجية وسمعة المؤسسات.