الاجبار على الجنس مقابل العمل، يعد أحد أشكال الاستغلال الجنسي للنساء، وقد يعتبر واحد من أشكال العنف الاقتصادي أيضًا، حيث أن استكمال عمل المرأة في هذه الحالة يكون متوقف على الأداء الجنسي مع المدير أو الموظف ذو الرتبة العالية، وفي حال الرفض يكون مصير السيدة الطرد من العمل، وهذا ما يمثل العنف الاقتصادي في أبهى صوره.
وهناك العديد من الأشكال للاستغلال الجنسي للنساء في العمل، فأحيانًا يضع المدير بند الاجبار على ممارسة الجنس من شروط العمل الأساسية، ويقوم بالضغط على فريسته في حال علمه بحاجتها الماسة لمثل هذا العمل، وخاصةً إذا كانت تعول أسرة بأكملها، فيقوم المدير بابتزاز ضحيته وإيقاعها في شباكه.
وهناك نوع أخر من الاستغلال الجنسي في العمل، وهو الرشوة الجنسية للترقي، وتتم بأن يقوم المدير أو العميل ذو السلطة في الاجبار على ممارسة الجنس مقابل الترقي في العمل، أو مقابل أداء خدمة معينة للحصول على “نقاط” إضافية ستفيد السيدة في عملها.
الرشوة الجنسية مقابل العمل والترقي
ويقصد بالرشوة الجنسية في العمل، هو قيام شخص (موظف ذو سلطة) بطلب خدمات جنسية مقابل استحقاقات أو خدمات تتبع وظيفته.
وعادة ما تكون الرشوة مقابل إتمام مهمة ما، وفي العادي تتم الرشوة بالتبادلات المالية، ولكن في هذه الحالة تكون الرشوة بطلب خدمات جنسية، وتتنوع هذه الطلبات، لتشمل عدة أشكال، إما التحرش الجنسي، هتك العرض الصريح، أو إقامة علاقة كاملة. وعادة ما يطلب الموظف أو المدير من الضحية مثل هذه الطلبات الجنسية بعد معرفته بوضع السيدة الاجتماعي والاقتصادي، ليكون وسيلة الضغط والابتزاز المستخدمة ضدها، لتكون الرشوة الجنسي في هذه الحالة نوع من أنواع العنف الاقتصادي.
ونظرًا لعدم قدرة الضحية، في أغلب الوقت، في الاحتفاظ بدليل على وقوع هذه الرشوة الجنسية، وبالتالي عدم إمكانية تطبيق سبل إجراءات الحماية والسلامة في العمل، يصبح الأمر من المديرين والموظفين ذو السلطة مباح وسهل لارتكاب تلك الجريمة، فنجد تعرض العديد من النساء في الوظائف بمختلف أشكالها لمثل هذه الطلبات الجنسية.
والجدير بالذكر أيضًا، أنه من أحد أهم أسباب انتشار ظاهرة الرشوة الجنسية والاستغلال الجنسي في العمل بكافة أشكال، إلى خوف الضحية من التبليغ، بسبب نظرة المجتمع الذي يعتبر الضحية مذنبة في هذه الحالة، وأنها المسؤلة الأولى والأخيرة عن طلب مرتكب هذه الجريمة للرشوة الجنسية، أو بسبب ابتزاز وتهديد الطرف الآخر، ذو السلطة، لها، أو قد يكون من أسباب انتشار هذه الظاهرة، هو حاجة السيدة الماسة لمثل هذه الوظيفة، لتعول أسرتها.
ونجد في مصر عدم توافر الكثير من الحالات في مثل هذه القضايا، وهذا لا يمنع عدم حدوثها، فبسبب ما تم ذكره من خوف الضحية ونظرة المجتمع وحاجتها الماسة للعمل، تجد الضحية صعوبة في التبليغ عن المُرتشي جنسيًا.
حالات فجة للاجبار على الجنس مقابل العمل
كما ذكرنا، عدم توافر وقائع معروفة لحالات الاجبار على الجنس مقابل العمل في مصر، ولكن موقع سكاي نيوز عربية، قد رصد حالة موثقة، عام 2022، لسيدة تعمل في إحدى الشركات التي تصنع ملابس أمريكية، وتعرضت للاجبار على الجنس مقابل العمل.
توضح السيدة “ماري” لصحيفة “الجارديان” البريطانية، تفاصيل تعرضها للاجبار على الجنس مقابل العمل، موضحة أنها كانت تعمل في أحد مصانع الملابس بعاصمة هاييتي، لتصنيع الملابس لمجموعة من العلامات التجارية الأمريكية الشهيرة، وبعد أقل من شهر على عملها، تعرضت للابتزاز الجنسي الصريح، حيث قام مدير الأمن في المصنع بتوجيه إنذار أخير لها بممارسة الجنس معه أو الطرد من العمل، قائلة: “قال لي إما أن تمارسي معي الجنس وإما أن تُطردي من العمل”.
وأكدت العاملة أنها بسبب حاجتها الماسة للعمل رضخت لطلبه الجنسي، ولكن لم يكتفِ بذلك بل أجبرها على ممارسة الجنس مع مسؤولي الأمن الآخرين في المصنع.
وكانت صحية “الجارديان” البريطانية، ذكرت في تحقيقها أن ظروف العمل في هذه المصانع تشبه معسكرات الاعتقال، فلا وجود لحقوق العمال والانتهاكات الجنسية شائعة.
وختامًا، إن الإجبار على الجنس مقابل العمل، يعد استغلال جنسي وعنف اقتصادي صريح ضد النساء، والسكوت عن هذه الظاهرة، بمثابة تأشيرة للموافقة في التمادي على استمرار هذا الفعل. إذا تعرضتي لمثل هذا الموقف حاولي إثبات الواقعة بالدليل وتوجهي لأقرب قسم شرطة وقومي بالإبلاغ ولا داعي للخوف.