التعقيم القسري هو إجراء طبي يُمارس دون موافقة الشخص المستهدف أو تحت الضغط أو الإكراه، بهدف منعهم من الإنجاب بشكل دائم. يعتبر هذا الإجراء انتهاكًا لحقوق الإنسان، خاصة الحق في الصحة والحق في اتخاذ قرارات شخصية بشأن الإنجاب . يُمارس عادة ضد النساء والفتيات، وكذلك الرجال، من الفئات المهمشة مثل الأقليات العرقية، الأشخاص ذوي الإعاقة، أو الأشخاص المصابين بأمراض عقلية أو جسدية.
يُقدر عدد الأشخاص ذوي الإعاقة بحوالي مليار شخص حول العالم، ويواجهون بشكل واسع أوضاعًا اجتماعية غير مواتية. تتعرض الفتيات والشابات ذوات الإعاقة للتعقيم القسري لأسباب مثل تحسين النسل وتنظيم الحيض، حيث تشير الدراسات إلى أن معدل تعقيمهن أعلى بثلاثة أضعاف مقارنة بغيرهن. ورغم أن منظمة الأمم المتحدة قامت بتعريف التعقيم القسري على انه عملية تعذيب لذوي الإعاقة، إلا أن التشريعات في العديد من الدول تسمح للعاملين في الصحة وأسر ذوي الإعاقة بتطبيق هذه الجريمة.
تتعرض ذوات الإعاقة الذهنية ما بين المتوسطة والشديدة بشكل أخص للتعقيم القسري، وتختلف طرق وأشكال التعقيم القسري حيث تتمثل في :
- وسائل منع الحمل كالإبر أو الأجهزة داخل الرحم.
- علاجات الإستروجين لإعاقة النمو ومنع البلوغ.
- إجراءات جراحية مثل استئصال الرحم بزعم تخفيف الألم المرتبط بالدورة، مع افتراض عدم قدرتهن على التعامل معها ، رغم ان السبب قد يرجع بسبب بعض الاهالي تجد صعوبة في العناية بنظافة الفتاة ذات الإعاقة العقلية أثناء دورتها الشهرية.
يكمن الهدف وراء التعقيم القسري لذوات الإعاقة الذهنية كإجراء وقائي من الإعتداء الجنسي في ظل غياب تطبيق القوانين والعقوبات ضد الجناة، إلا أن التعقيم قد يصبح وسيلة لزيادة العنف المُمارَس تجاههن، أو يمارس التعقيم لتخفيف عبء الرعاية، لكن هذا الإجراء لا يحميهن من العنف ولا يعفي الدولة من مسؤولية حمايتهن. التعقيم القسري ممارسة مرفوضة تُلحق أضراراً دائمة بالصحة الجسدية والنفسية. كما يُبرر البعض التعقيم باعتقادهم أنه يخفف عنهن عبء الحمل والإنجاب، بحجة أنهن غير مؤهلات للأمومة، مما يُعد انتهاكاً لحقوقهن الأساسية. في المقابل بدل من إجراء هذه الجراحة وما تسببه من أضرار غير مبررة، التركيز علي تدريب الفتيات ذوات الإعاقة الذهنية ومقدمي الرعاية لهن على إدارة نظافة الدورة الشهرية .
ورغم تجريم العديد من الدول لهذه العملية، مثل الأردن، إلا أنها ما زالت تُمارَس خلف الأبواب المغلقة، أو قد تسافر الأسرة إلى أماكن تسمح بإجراء هذه العملية.
وقد نشرت جمعية “معهد تضامن النساء الأردني” قبل عدة أعوام، دراسة قدّرت فيها أن المعدلات السنوية لإجراء عمليات إزالة الأرحام للفتيات ذوات الإعاقة تصل إلى نحو 65 عملية. وصنفت الجمعية هذا الإجراء كنوع من التمييز والعنف، يتم فرضه على الفتيات دون وعيهن الكامل، واستغلالًا لإعاقاتهن الذهنية.
ما هي الطرق التي يمكن أن تتبع لإيقاف عمليات التعقيم القسري لذوات الإعاقة الذهنية ؟
١- توعية المجتمع وأسر الفتيات ذوات الإعاقة الذهنية بكيفية تدريبهن على نظافة الدورة الشهرية والخيارات البديلة المتاحة.
٢- التوعية بمخاطر الجراحة و مضاعفتها.
٣- كشف الجوانب القانونية لهذه الإجراءات وتحديدها لوقف انتهاكات حقوق الإنسان.
٤- إطلاق برامج دعم معنوي ونفسي لأسر الفتيات ذوات الإعاقة الذهنية لمساعدتهم في مواجهة تحدياتهم، وتنظيم دورات تدريبية وجلسات استشارية للفتيات وأسرهن.
٥- وضع سياسات رعاية صحية في جميع المنشآت الصحية لتوجيه المتخصصين في اتخاذ القرارات السليمة في مثل هذه الحالات.
٦- يجب أن يتوفر في كل منشأة صحية نظام لحفظ السجلات لتحديد عدد الحالات واستخدام البيانات المسجلة في تطوير السياسات.
٧- خضوع الفتيات ذوات الإعاقة العقلية لبرامج قائمة على الأدلة لدعم اتخاذ القرار، وتعزيز الاحترام والاختيار والمسؤولية في الحياة الجنسية والعلاقات والأبوة والأمومة.
٨- توجيه الإعلام لتجنب نشر معلومات مضللة عن قدرة الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية في الزواج والأبوة والتعقيم، مع التأكيد على التغطية الدقيقة والحساسة لتعزيز فهم حقوقهم وقدراتهم.
٩- تعزيز حماية حقوق الفتيات ذوات الإعاقة من خلال ضمان توافق الإجراءات مع المعايير القانونية والإنسانية، مع استمرار الدولة والمجتمع في نشر الوعي وتطبيق القوانين لضمان حياة كريمة ومتكاملة لهن.
وإنطلاقاً مما سبق، فإن التعقيم القسري لذوات الإعاقة يعد انتهاكًا لحقوق الإنسان، ولا يوجد مبرر كافٍ لممارسة هذه العملية والتعرض لمخاطرها بالمقابل، يجب اللجوء إلى الحلول البديلة وتشريع وتطبيق القوانين التي تحمي حقوقهن. كما يجب الانتباه إلى أن الاعتداء الجنسي لا يُمارس في مراكز الرعاية الصحية فقط، بل قد يحدث داخل نطاق الأسرة أيضًا.