كتب: روضة إبراهيم
العنف الاقتصادي هو نوع من أنواع العنف المبني على النوع الاجتماعي الواقع على عاتق المرأة بمختلف أعمارها، حيث يبرز في ارتفاع أسعار الفوط الصحية، ففي الأونة الأخيرة شهدت تلك السلع ارتفاعًا ملحوظًا على الرغم من أهميتها والتي تندرج تحت إطار الضروريات وليست الرفاهيات، كما يصنفها بعض المحلات والصيدليات عند وضعها بجوار قسم الكريمات ومستحضرات التجميل الخاصة بالنساء، فهذه سلع يمكن الاستغناء عنها، وإن كانت مهمة أيضًا للعناية الشخصية الواجبة على المرأة، ولكن الفوط الصحية شيء لا يمكن الاستغناء عنه أبدًا، ويتم استهلاكه بشكل دوري شهريًا، والبديل عنها يمكن أن يصيب المرأة بمشاكل صحية والتي قد تصل إلى العقم والسرطان.
الفوط الصحية ضرورية مش رفاهية
هكذا كان عنوان الحملة التي تبنتها عدد من المؤسسات والمبادرات النسوية والتي تهتم بقضايا المرأة، وهم (مؤسسة تدوين لدراسات النوع الإجتماعي، ومؤسسة براح آمن، ومبادرة سند للدعم القانوني للنساء) والتي كانت في شهر مارس الماضي تزامنًا مع اليوم الدولي للمرأة، والتي تهدف لتسليط الضوء على ضرورية توفير الفوط الصحية بشكل شهري، ومدى أهمية تداولها وبيعها بالقطعة لضرورة الاحتياج لها وهو ما يجعلها سلعة أساسية لا تقل أهمية عن السلع الغذائية الأساسية التي يتم استهلاكها يوميًا كالأرز والسكر مثلًا، فهي ليست رفاهية، فواقعيًا هناك عدد من الأهالي مجبورين على اعتبارها شيء هامشي في حياة الفتيات، أو مجرد رفاهيات أنثوية ممكن الاستغناء عنها أو استبدالها ببدائل بدائية غير صحية وغير آمنة مثل: (القماشة أو البامبرز لكبار السن)، والتي قد تسبب تجمع للبكتيريا بالجهاز التناسلي، ومن ثم الإصابة بأمراض خطيرة تأثر على الصحة الجنسية والإنجابية.
أسعار الفوط الصحية
” الفوط الصحية هتوصل لكام وجودتها هتبقى أي بعد كد يعنى هيبدلوا المواد المستخدمة بحفاضات معاد تدويرها ولا أيه؟”.. هكذا قالت “رنا”، اسم مستعار، عبر حسابها الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، في نهاية 2022، لغضبها من أسعار الفوط الصحية المبالغ فيها، مقارنةً بجودتها الرديئة التي تسبب إلتهابات بالمنطقة، بالإضافة إلى أنها تساهم في تسريب دم الحيض.
أما “صباح”، اسم مستعار، على “فيس بوك”، في مارس الماضي قالت: “من سنة بس كان سعر باكت الفوط الصحية “الأولويز” تحديدًا بيتراوح من ٨ لـ ١٠ جنيهات للباكت الـ ٨ فوط، النهاردة نفس الباكت سعره أصبح ٢١ جنية مع العلم إننا هنا بنتكلم عن منتج ذات جودة أقل من المتوسطة يادوب يأدي الغرض”.
وجاء رأي فتاة أخرى عبر “فيس بوك”، في فبراير الماضي، قائلة: ” أنا مش فاهمة دي حاجة ربنا خلقها، فسيولوجية في المرأة بعد البلوغ ازاي دي تبقى من ضمن أدوات التجميل!! وازاي تزيد الزيادة دي، طيب البنات والسيدات هتعمل ايه؟ مش كفاية مستحملين النوع الردىء الخشن ده! هنرجع للقماش يعني ولا ايه مش فاهمة! اللي له أضرار صحية معروفة وبيسبب تلوث وبكتيريا ده غير الشق النفسي من الخوف والتوتر”.
وهذا ما يدعو لأهمية تسليط الضوء من خلال هذا الموضوع على أسعار بعض الماركات التجارية للفوط الصحية في الفترة الأخيرة، والتي هي في زيادة مستمرة، فعند قراءة هذا الموضوع يمكن أن تكون الأسعار إختلفت تمامًا وأصبحت بزيادة الضعف.
– أصبح سعر أولويز ألترا الطويلة، 8 فوطة: 31 جنيه، وهو عدد يمكن استخدام ضعفه خلال فترة الدورة الشهرية لعدد كبير من النساء، بسبب معاناتهم من غزارة الحيض لديهن.
– بينما قفز سعر أولويز ألتر، 16 فوطة، من 35 جنيهًا إلى 67 جنيهًا، لتكون سلعة صعبة المنال.
– وجاء سعر فوط أولويز الصحية، 26 فوطة بـ 77 جنيه.
– أما فوط “سوفي” الصحية فارتفع سعرها مؤخرًا، 16 فوطة، من 18 جنيهًا إلى 30 جنيهًا.
التأثير النفسي على النساء بسبب غلاء سعر الفوط الصحية
عانت عدد كبير من النساء والفتيات من صعوبة شراء الفوط الصحية، واستحالة الحصول عليها في بعض الفئات المجتمعية، وهو ما أدى عدد كبير منهن إلى العزوف عن الذهاب إلى الدارسة أو العمل، خلال فترة الدورة الشهرية، حيث أنه مع إرتداء “القماش” خلال الدورة الشهرية يكون التسريب أمر وارد جدًا حدوثه، وهو ما يعرضهن إلى الإحراج والشعور بالقلة والدونية مقارنةً بغيرهن من النساء والفتيات اللاتي يستطعن شراء هذا النوع من الفوط القطنية الناعمة التي تمتص كل دماء الحيض بدون تسريب.
ولأهمية استهلاك مثل هذه الفوط الصحية بشكل دوري شهريًا، نحن نناشد من خلال مبادرتنا “صوت لدعم حقوق المرأة”، أن يتم توفيرها مجانًا للفتيات بالمدارس والجامعات وأماكن العمل، مع خفض سعرها لسهولة تداولها بين النساء بمختلف أعمارهن، فماذا تفعل أسرة مكونة من أم وثلاث فتيات بحاجة شهرية لاستخدام فوط صحية باهظة الثمن بهذا الشكل؟
نعتقد أن هذا الوضع يدخل تحت أشكال العبء الإقتصادي على معيل/ة تلك الأسرة بالإضافة إلى الاحتياجات الأساسية للمعيشة.