كتب: روضة إبراهيم
تشغيل أو عمالة الأطفال تعتبر ظاهرة تُشير إلى استغلال الأطفال/ الطفلات من قبل الأهالي من أجل التربح من ورائهم، في أي شكل من أشكال العمل، والتي قد تعيق قدرتهم على الذهاب إلى المدارس، أو تؤثر عليهم جسديًا ونفسيًا. وهذا الاستغلال محظور بموجب التشريعات في جميع أنحاء العالم، والذي يؤثر على حياة الطفلات بصفة خاصة، وتعرضهم للتشغيل في الدعارة منذ سن صغير والاستمرار في هذا المجال حتى الاحتراف بصورة لم تقدر على إيقافها أو الهروب من هذا المجال سيء السمعة.
وهناك فرق بين تشغيل الأطفال من عمر 15 إلى 18 عامًا، في أعمال لا تضر بصحتهم الجسدية والنفسية، بغرض تنمية مهارتهم وتعلم الاعتماد على النفس، وبين تشغيل الأطفال أقل من هذا العمر في أعمال محظورة، والتي تعتبر إحدى صور الاتجار بالبشر، مثل استغلالهم جنسيًا في أعمال الدعارة، وهي أعمال محظورة في الصكوك الدولية والتشريعات الوطنية.
عمل الأطفال
تعرف منظمة الأمم المتحدة لمصطلح “عمل الأطفال” على أنه العمل الذي يحرم الأطفال من طفولتهم وينال من كرامتهم ويضر بنموهم البدني والنفسي.
والمصطلح يشير إلى عمل الأطفال المحظور، وهو كافة أشكال العمل التي يقوم بها الطفل أو الطفلة، ويشكل عليهم خطرًا نفسيًا أو بدنيًا أو اجتماعيًا، أو يضر الأطفال أخلاقيًا، أو يؤثر سلبًا على دراستهم من خلال: حرمانهم من فرص الالتحاق بالمدارس، وإلزامهم بترك المدرسة قبل الأوان، أو إرغامهم على محاولة الجمع بين الحضور المدرسي والعمل الطويل والمضني بشكل مفرط.
أسوأ أشكال عمل الأطفال
تتضمن أسوأ أشكال عمل الأطفال، الأعمال التي تعرضهم لمخاطر أو أمراض خطيرة، أو تساهم في استرقاقهم أو عزلهم عن أسرهم، أو تركهم لإعالة أنفسهم في الشوارع في سن مبكر جدًا، والذي يمكن أن يترتب عنه في المستقبل اشتغال الفتيات في الجنس التجاري واحترافهم للدعارة بصورة أوسع. فمن عمل جبري في الشوارع للطفلات إلى مستقبل مُهلك لهن وزيادة معدل ظواهر الانحراف في المجتمع.
وجاء مصطلح أسوأ أشكال عمل الأطفال في المادة 3 من اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182، والتي صادقت عليه 181 دولة، على النحو المنصوص عليه:
- كافة أشكال الرق أو الممارسات الشبيهة بالرق، كبيع الأطفال والاتجار بهم وعبودية الدَّين والقنانة، والعمل القسري أو الإجباري، بما في ذلك التجنيد القسري أو الإجباري للأطفال لاستخدامهم في صراعات مسلحة.
- الأعمال التي يرجح أن تؤدي، بفعل طبيعتها أو بفعل الظروف التي تزاول فيها، إلى الإضرار بصحة الأطفال أو سلامتهم أو سلوكهم الأخلاقي.
- استخدام طفل أو تشغيله أو عرضه لمزاولة أنشطة غير مشروعة، ولا سيما إنتاج المخدرات والاتجار بها بالشكل الذي حددت فيه في المعاهدات الدولية ذات الصلة.
- استخدام الأطفال/ الطفلات أو تشغيلهم أو عرضهم لأغراض الدعارة، أو لإنتاج أعمال إباحية أو أداء عروض إباحية.
وقد اعتمدت لجنة حقـوق الإنسان عام 1992 برنامج العمل لمنع بيع الأطفال ودعارة الأطفال وبالأخص الطفلات والمنشورات الإباحية عـن الأطفـال، الـذي يؤكـد على أنه: “يشكل الاتجار بالأطفال وبيعهم واستخدامهم في الدعارة وفي المواد الإباحية أشكال رق حديثة لا تتفق مع حقوق الإنسان وأن هذه الممارسات لا يمكن أن تبرر بالفقر أو التخلف”.
متى يعتبر العمل الذي يقوم به الطفل/ة مناسب وقانوني؟
وضعت منظمة العمل الدولية معاير على أساسها تعتبر عمالة الأطفال قانونية، فلا تعد جميع الأعمال التي يقوم بها الأطفال محظورة وضارة بصحتهم البدنية والنفسية، وهنا نوضح متى يكون عمل الأطفال مناسب وقانوني:
- عمل الأطفال فوق السن القانوني للتشغيل، أي أكبر من 15 سنة، بأجر أو بدون أجر ولكن بالتراضي، بشكل مقبول قانونيًا، وبما يتناسب مع سنهم ودرجة نضجهم، بهدف تحمل المسؤلية واكتساب المهارات والمساهمة في تحسين دخلهم.
- تعلم الأطفال وتدريبهم في المنشآت الصناعية والتجارية، يعد وسيلة جيدة وآمنة للانتقال من المدرسة إلى سوق العمل، بداية من سن 15 سنة، على أن يراعى في ذلك اشتراطات استخدام الأطفال، وبما لا ينتزعهم من إكمال تعليمهم في مدارس التعليم الإلزامي.
منظمة العمل الدولية تقترح سياسات للقضاء على عمالة الأطفال بحلول عام 2025
أشارت منظمة العمل الدولية في تقريرها الخاص الذي حمل عنوان القضاء على عمل الأطفال بحلول عام 2025: مراجعة للسياسات والبرامج: “نحن نمضي في الاتجاه الصحيح، ولكن ينبغي لنا التحرك بخطوة أسرع بكثير”.
ويتضمن التقرير أربع ركائز رئيسية للسياسات في مجال مكافحة عمل الأطفال وهي:
- تعزيز الحمايات القانونية.
- تحسين إدارة أسواق العمل والمنشآت الأسرية.
- تدعيم الرعاية الاجتماعية.
- ضرورة الاستثمار في التعليم المجاني والجيد.
وتشير دراسات عالمية نُشرت في سبتمبر 2017 إلى أن عدد الأطفال العاملين في سن 5-17 عامًا في العالم يبلغ 152 مليون طفل، أي واحد من كل 10 أطفال تقريبًا. وقد انخفض عمل الأطفال في عام 2000، ولكن الوتيرة تباطأت بين عامي 2012 و 2016. وبالنسبة للاتجاهات الحالية، سيبقى هناك 121 مليون طفلًا يعملون في عام 2025.