أثار حادث معدية أبو غالب، الذي وقع صبح أمس الثلاثاء، ونتج عنه غرق 25 فتاة، معظمهم لقوا حتفهم وبعضهم مفقودين وآخريات ضمن المصابين، غضب الجميع، وخاصةً بعدما عُلم أن جميع من في الميكروباص المنكوب الذي تم غرقه في منشأة القناطر بمحافظة الجيزة، من الفتيات القصر، حيث تتراوح أعمارهن ما بين 13 إلى 17 عامًا.
وهذا بخلاف أن تلك الفتيات الصغيرات كانوا عائدين من عملهم بجني المحاصيل، فهؤلاء الفتيات ضمن العاملات بالزراعة، التي كنا تحدثنا عنهم في تقرير مفصل منذ يومين، وسلطنا الضوء على معاناتهن في العمل بالزراعة، من خلال مبادرتنا صوت لدعم حقوق المرأة، وهذا إلى جانب ضياع حقوقهن، فقانون العمل لن يعترف بهن ضمن العمال، فليس لديهم تأمين أو معاشات أو غيرها من الحقوق القانونية.
فقد استثنى قانون العمل الموحد رقم 12 لسنة 2003 النساء العاملات في الزراعة البحتة من فصله المتعلق بتشغيل النساء، وبالتالي لا يعترف بهنَ ضمن نطاقه، حيث تنص المادة رقم 97 من القانون على: “يستثنى من تطبيق أحكام هذا الفصل العاملات في الزراعة البحتة”، وبذلك تكون كل العاملات في الزراعة غير معترف بهن ولا بحقوقهن في القانون.
فتيات معدية أبو غالب.. قٌصر وعاملات بالزراعة
والمؤسف أن تلك الفتيات، التي كان مصيرهم الموت بعد يوم عمل طويل من العمل بالزراعة بأموال زهيدة، مقارنةً بالرجال، لم يكملوا تعليمهن، حيث دفعهم أهلهم للعمل في سن مبكر من أجل جني الأموال والمساعدة في معيشتهم، وبالنهاية لم يروا مستقبلًا مُنعمًا كما كانوا يطمحون.
وكانت الشاهدة “آية قطب”، التي كانت واحدة من الفتيات الناجيات في الحادث المروع، خلال مداخلة ببرنامج “يحدث في مصر” المذاع على قناة إم بي سي مصر، أمس، قالت أنها تبلغ من العمر 15 عامًا، وأن جميع الفتيات الأخريات من نفس سنها أو أقل، وإنهن يدرسن في المرحلة الإعدادية، وانتهين من الامتحانات قبل أسبوع، فبدأن في النزول للعمل من أجل مساعدة أسرهن ماديًا.
حمولة زائدة.. سائق الميكروباص الغارق يكشف بعض الحقائق
تبين من التحقيقات أن السائق المتهم في حادث غرق ميكروباص بمعدية أبو غالب، بتهمة القتل الخطأ، يدعى محمد خالد كساب، 24 عامًا، وكشف عن الحمولة الزائدة للميكروباص، والتي قد تكون أحد الأسباب الرئيسية في غرق تلك الفتيات.
فقد أوضح ساق الميكروباص في التحقيقات، إن سيارته كانت مُحملة بـ 25 فتاة وشابة وسيدة وجميعهن من عمال اليومية بإحدى شركات تغليف الفواكة بمنطقة أبوغالب في منشأة القناطر، ويحضرن إلى المكان من مسقط رأسهن بإحدى قرى مركز أشمون في المنوفية، وأغلبهن يعرفهن جيدًا.
وأوضح السائق المتهم، أنه قبل أن ترسى المعدية التي تقل سيارته على الشاطئ، حدثت مشادة بينه وبين سائق “توك توك” لتعديه بالسبّ على فتاة من مستقلي “الميكروباص”، بعدما تحرش بها، ما اضطره للاشتباك معه بالأيدي ليستعين قائد الدراجة البخارية بـ3 آخرين للتعدي عليه بالضرب.
وأضاف السائق في التحقيقات، وفقًا لـ”المصري اليوم”، أن سائق “التوك توك” ومن استعان بهم لم يكتفوا بالتعدي عليه، بل دفعوا “الميكروباص” بأيديهم مرات عدة، ما أدى إلى سقوطه في المياه بالركاب.
وشرح السائق، أن المتهمين أقدموا على دفع “الميكروباص” للثأر منه لتدخله ومناصرته للفتاة التي تحرش بها قائد “التوك توك”، إذ قال له الأخير لاستفزازه وهو يتقدم نحوه مع أصدقائه: “هنوريك مش هما دول البنات اللي بتتحامى فيهم وبتدافع كمان عنهم، هنوريك هنعمل لك فيهم إيه”، وبعدها تمكنوا من إسقاط السيارة بمن فيها في مياه نهر النيل.
تفاصيل الحادث بعيون شاهدة من الفتيات الناجيات
كشفت الشاهدة “آية قطب”، إحدى الفتيات الناجيات من حادث غرق ميكروباص بمعدية أبو غالب، والتي كانت تستقل سيارة ميكروباص أخرى على نفس المعدية وشاهدت ما حدث، وذلك من خلال مداخلة هاتفية ببرنامج “يحدث في مصر”، أمس، أن شجارًا نشب على متن المعدية أثناء عبورها، وإن سائق الميكروباص لم يكن بداخل سيارته، حيث اعتاد كل يوم على النزول من السيارة والوقوف بجانبها حتى مرور المعدية للطرف الآخر من النيل.
وأضافت “قطب”، أن عددًا من المتشاجرين على سطح المعدية قاموا بدفع الميكروباص – والذي لم يكن سائقه رافعًا لفرامل اليد – فتحركت السيارة باتجاه المياه مباشرة حيث كانت على حافة المعدية.
وأضافت “آية” أن إحدى الفتيات بداخل الميكروباص المنكوب قفزت خارج السيارة مباشرة لدى تحرك السيارة، أما الفتيات الأخريات فغرق بهن الميكروباص أمام أعين الجميع وسط الصدمة والذي كان على متنه ابنة خالتها، وعدد من صديقاتها.
واعتبرت الناجية من الحادث، أن سائق الميكروباص لا ينبغي أن يكون متهمًا بحسب ما قالته، حيث إن الخطأ نجم عن دفع الشباب المتشاجرين للسيارة أثناء الشجار.
بيان النيابة بشأن حادث معدية أبو غالب
أعلنت النيابة العامة في بيان لها منذ قليل، تفاصيل حادث ميكروباص معدية أبو غالب، في القضية رقم 2698 لسنة 2024 إداري مركز إمبابة.
وقالت النيابة العامة، في بيانها، إنها تلقت صباح أمس الثلاثاء، 21 مايو 2024، إخطارًا بسقوط حافلة نقل ركاب – ميكروباص على متنه خمس وعشرين فتاة- من أعلى معدية لنقل السيارات عبر ضفتي الرياح البحيري بمنطقة أبو غالب بدائرة مركز شرطة منشأة القناطر، مما أدى إلى إصابة ووفاة عدد من مستقليها.
فباشرت النيابة العامة على الفور تحقيقاتها، واستهلتها بالانتقال لمكان وقوع الحادث، فتبينت غرق إحدى عشرة فتاة – انتشلت قوات الدفاع المدني جثامينهن- وفقد خمس ونجاة سبع وإصابة اثنتين، وقد أسفرت التحقيقات عن أنه حال وصول المعدية إلى وجهتها بالناحية الغربية للرياح، اهتزت -كما هو مألوف- لدى اصطدامها بمكان رسوها تمهيدًا للتوقف، وعلى إثر تقاعس قائد الحافلة عن استخدام مكابحها وتركه لها؛ رجعت الحافلة إلى الخلف، في حين لم يغلق المسئول عن تشغيل المعدية، بابها الحديدي الخلفي الذي يضمن عدم سقوط ما تحمله على سطحها.
مما أسفر عن سقوط الحافلة في المياه، كما تبين من التحقيقات أيضًا انتهاء رخصة تسيير المعدية منذ شهر أغسطس العام الماضي.
وأمرت النيابة العامة بحبس قائديْ الحافلة والمعدية وأخذ عينة منهما للوقوف على مدى تعاطيهما للمواد المخدرة، وتكليف قوات الدفاع المدني بموالاة البحث عن الفتيات المفقودات، والتحفظ على الحافلة والمعدية محل الواقعة، وتشكيل لجنة ثلاثية لانتقال لمعاينة المعدية وفحصها للوقوف على صلاحيتها الفنية للعمل وطريقة تشغيلها ومدى توفرها على معدات الإنقاذ والسلامة وقوام طاقمها ودور كل منهم، وصولًا إلى بيان كل من تسبب في ارتكاب الواقعة وتحديد دوره ومسؤوليته عنها، كما أمرت النيابة العامة بفحص الحافلة وقوفًا على سلامتها الفنية. وجارٍ استكمال التحقيقات.
نطالب نحن مبادرة “صوت لدعم حقوق المرأة”، بتوقيع أقصى العقوبة في المتسببين في تلك الواقعة المفجعة، ونأمل في تغير قريب في قانون العمل لحماية تلك العاملات بالزراعة بضمان العمل في بيئة آمنة، وأقل ما يمكن هو توفير وسائل مواصلات آمنة، لعدم تكرار تلك النوع من الحوادث.