يحتفل العالم في هذا اليوم من كل عام بالذكرى الدولية لمناهضة ختان الإناث، وهو فعل مؤذي للغاية ويصنف في القانون كجريمة بحق الفتيات وعادة ينتج عنه أضراراً سواء نفسية أوجسدية، وأحياناً ما يتطور الأمر إلى حدوث حالات وفيات على أثر ذلك، وتعتبر تلك الجريمة منتشرة بكثرة في العالم العربي نظراً للاحصائيات الأخيرة.
وفي هذا العام، يدشن البرنامج المشترك بين صندوق السكان ويونيسف المتعلق بمسألة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث (ختان الإنات) بالإشتراك مع لجنة البلدن الأفريقية المعنية بالممارسات التقليدية حملة هذا العام المعنونة بـ
’’لا وقت للتقاعس الدولي: اتحاد وتمويل وعمل مشترك من أجل القضاء على تشوية الأعضاء التناسلية للإناث (ختان الإناث)‘‘.
ونتيجة ًلجائحةً (كوفيد-19)،ًتواجه كثير من البلدان ’’أزمة داخل أزمة‘‘ حيث تتعامل مع حالة طوارئ الصحة العامة التي ساهمت بدورها في زيادة عدد حالات العنف الجنساني وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث (ختان الإناث)، ولذا تدعو الأمم المتحدة المجتمع العالمي إلى إعادة بناء التصورات بما يحقق وجود عالم يمكن الفتيات والنساء من التعبير عن أنفسهن وعن خياراتهن والاستفادة من إمكاناتهن بالكامل.
كانت الجمعية العامة في 20 كانون الأول/ديسمبر 2012، قد اعتمدت القرار الذي دعت فيه الدول ومنظومة الأمم المتحدة والمجتمع المدني إلى الاستمرار في الاحتفال بيوم 6 فبراير من كل عام بوصفه اليوم الدولي لعدم التسامح مطلقا إزاء تشويه الأعضاء التناسيلة للإناث، واستغلال هذا اليوم في حملات لرفع الوعي بهذه الممارسة واتخاذ إجراءات ملموسة للحد من تشويه الأعضاء التناسلية للإناث.
والجدير بالذكر أن الأمم المتحدة تسعى جاهدة للقضاء علي جريمة الختان بالكامل بحلول عام 2030، بما يتماشي مع الهدف 5 من أهداف التنمية المستدامة.
ومنذ عام 2008، كان صندوق الأمم المتحدة للسكان، بالاشتراك مع اليونيسف، يقود أكبر برنامج عالمي للإسراع في القضاء على ممارسة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث. ويركز البرنامج حاليًا على 17 دولة في إفريقيا والشرق الأوسط ويدعم كذلك المبادرات الإقليمية والعالمية.
فعلى مر السنين، شهدت هذه الشراكة إنجازات كبيرة، فعلى سبيل المثال، استفاد أكثر من 3 مليون فتاة وامرأة — يدعمهما البرنامج المشترك — من خدمات الحماية والرعاية المتعلقة بتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، وأنشأ 13 بلداً أطر عمل قانونية لحظر تلك الممارسة الضارة فضلا عن إنشاءبرامج لتمويل بنود الميزانية الوطنية لمعالجتها.
فوفقًا لمنظمة الصحة العالمية فإن ختان الإناث بمثابة تشويه جزئي أو كلي للأعضاء التناسلية للأنثى دون وجود أسباب علاجية، ولا يعود بمنافع صحية على الأنثى، في حين يعرضها للمشاكل الصحية والنفسية، بجانب كونه نوعا من أنواع العنف ضد المرأة.
وأقر قانون العقوبات المصرى في عام 2008 أن عقوبة ختان الإناث متمثلة فى الحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تتجاوز سنتين، أو بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تتجاوز 5 آلاف جنيه، ولكن وفقا لآخر تعديل لهذه العقوبة عام 2016، جاء تغليظ العقوبة على من يقوم بختان الإناث، بالسجن لمدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تتجاوز 7 سنوات.
كما جاء التعديل الأول في القانون على أن يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز ثلاث سنوات كل من طلب ختان أنثى وتم ختانها على النحو المنصوص عليه بالمادة 242 مكررا من القانون، ولكن لا يزال بعض الأطباء والأشخاص العاديين من الأسر والأهالى يستمرون في إجراء تلك الجريمة.
ولاسيما أن التعديل الأخير جاء بسن عقوبة رادعة حيث وافق مجلس الوزراء، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، لتقرير عقوبة رادعة حيال جرائم ختان الإناث، وجاءت التعديلات في المادتين (242 مكررا)، و(242 مكررا أ).
ونص التعديل على أن يُعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات كل من أجرى ختاناً لأنثى بإزالة جزء من أعضائها التناسلية أو سوّى، أو عدّل، أو شوّه، أو ألحق إصابات بتلك الأعضاء، فإذا نشأ عن ذلك الفعل عاهة مُستديمة، تكون العقوبة السجن المشدد، لمدة لا تقل عن 7 سنوات، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت، تكون العقوبة السجن المشدد، لمدة لا تقل عن 10 سنوات، كما نص أيضاً على أن تكون العقوبة السجن المشدد إذا كان من أجرى الختان طبيباً أو مُزاولاً لمهنة التمريض، فإذا نشأ عن جريمته عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المُشدد لمدة لا تقل عن 10 سنوات، أما إذا أفضى الفعل إلى الموت تكون العقوبة السجن المشدد، لمدة لا تقل عن 15 سنة، ولا تزيد على 20 سنة.
كما تتضمن الجهود أيضًا مبادرات تبرز موقف الدين الإسلامي والمسيحي من ختان الإناث، ففي عام 2013 قام الأزهر الشريف بالتعاون مع يونيسف بنشر كتاب “ختان الإناث: بين المغلوط علمياً والملتبس فقهياً”، تبع ذلك إطلاق إصدارات هي الأولى من نوعها بعنوان ” السلام. المحبة. التسامح. رسائل أساسية من الإسلام والمسيحية لحماية الأطفال من العنف والممارسات الضارة”، وهي إصدارات مشتركة بين الأزهر الشريف وجامعته والكنيسة القبطية بالتعاون مع يونيسف، وتتطرق الإصدارات لـ11 نوعاً من أنواع العنف ضد الأطفال من بينهما ختان الإناث.
بالإضافة إلى أنه جاء دور اللجنة الوطنية للقضاء على ختان الإناث في مصر، منذ أعوام سابقة حتى الآن، بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة للقضاء على ظاهرة ختان الإناث في كل محافظات الجمهورية، عن طريق إطلاق حملات مختلفة للتوعية من مخاطر الختان.
وأوضحت الدكتورة سحر السنباطي الأمين العام للمجلس القومي للطفولة والأمومة أن خط نجدة الطفل ساعد في انقاذ 15 طفلة من محاولة تشويه للأعضاء التناسلية والمعروفة بالختان بمحافظة أسيوط مركز منفلوط، خلال العام الماضي، وذلك في إطار جهود اللجنة، ولكن على الرغم من ذلك جاءت واقعة إحالة والد ثلاث فتيات وطبيبا إلى محاكمة جنائية عاجلة بعد أن خدع الأب بناته وأخضعهن لعملية ختان تحت تأثير المخدر، كان الطبيب قد ذهب إلى منزل الفتيات بعد أن قال لهن والدهن بأنه سيقوم بتطعيمهن ضدَّ فيروس كورونا، لكنهن ُحقنّ بمخدر أفقدهن الوعي، وعندما أفقن فوجئن بأن أرجلهن مقيدة، وشعرن بآلام في أعضائهن التناسلية، فأخبرن والدتهن المطلقة التي أبلغت السلطات المختصة بالواقعة.
كانت أمل عبد المنعم، مدير مكتب الشكاوى المرأة بالمجلس القومى للمرأة، توجهت بالشكر للنائب العام المستشار حماده الصاوى، على سرعة التصرف وإنفاذ القانون فى قضايا ختان الإناث، مشددة على أن مثل هذه الجرائم تترك إساءة جسدية ونفسية تظل مع الفتيات على مدى عمرهن.
كما ذكرت الأمم المتحدة عبر موقعها الإلكتروني، أنه في عام 2020، يوجد أكثر من 4 ملايين فتاة في كل أنحاء العالم معرضات لمخاطر ممارسة ختان الإناث ، وتشويه أعضائها التناسلية، مضيفة أن هناك 30 بلدًا يجري فيها ختان الإناث، حيث تخضع فيها ما لا يقل عن 30% من الفتيات ممن هن دون سن 15 لذلك التشوية، وأن تلك الممارسة تتم منذ أكثر من ألف سنة.
وكشفت الدكتورة فاطمة حسن، استشاري النساء والتوليد، الأضرار الصحية التي تصيب الفتاة جراء تلك العملية، والتي في مقدمتها حدوث خلل بإحدى أهم وظائف العضو التناسلي للفتاة بعدم قدرته على الحماية من الميكروبات والجراثيم نتيجة إزالة تلك الطبقة التي يتم بترها في عملية الختان، وحدوث نزيف عند كثير من الفتيات بعد عملية الختان قد يؤدي إلى وفاتها إن لم يستطع أحد إيقافه مباشرة، إضافة إلى غيرها من حدوث التهابات حادة وعدوى نتيجة استخدام آلات غير معقمة، خاصة حالات الختان التي لا تتم عند الأطباء.
أما عن الأضرار النفسية، فأكد الدكتور جمال فرويز استشاري الطب النفسي، أن ختان الإناث له أضرار عديدة جاء أبرزها في الشعور بالخوف والرعب الشديد والصدمة التي تؤدي إلى التبول اللإرادي للفتاة، مع وجود اضطرابات في النوم قد تصل في كثير من الأحيان إلى حد الكوابيس نتيجة الألم الذي عانته الفتاة نتيجة عملية الختان.
كما كثقت الدولة جهودها في تخفيف أثار حالات العنف ضد المرأة في المجتمع وذلك بغرض تشجيع المرأة على عدم الإسكات عن أي أشكال للعنف تتعرض لها، حيث تم افتتاح أول عيادة طبية للتعامل مع المعنفات بالقصر العيني، وتلتها وحدة المرأة الآمنة بقسم النسا والتوليد بمستشفى جامعة المنصورة الرئيسى، كما تم افتتاح وحدة الاستجابة الطبية للتعامل مع المعنفات بكلية طب جامعة عين شمس.
وفي كلمتها قالت الدكتورة مايا مرسي، إن “المرأة المصرية تعيش عصرها الذهبي في ظل قيادة سياسية تؤكد احترامها وتقديرها البالغ للمرأة واهتمامها بتمكينها، فهناك تحرك سياسي على أعلى مستوى لحماية المرأة من كافة أشكال العنف ضدها، وفقا لما نصت عليه المادة 11 من الدستور المصري”.