التمييز القانوني ضد المرأة له الكثير من الأوجه في القانون المصري، وكان أبرزها بشكل فج، هو التمييز بشأن معاقبة ممارسة الدعارة، فلا تتساوى المرأة مع الرجل في المعاقبة بهذه الجريمة، فعلى الرغم من أن المادة 9 في القانون رقم 10 لسنة 1961 في شأن مكافحة الدعارة، تنص على معاقبة كل من أعتاد ممارسة الفجور والدعارة، دون تمييز واضح ضد المرأة، إلا أنه عند التطبيق الفعلي للقانون على أرض الواقع، نجد أنه تعاقب المرأة التي ارتكبت الجريمة دون معاقبة شريكها الرجل، ويعتبر حينها شاهدًا عليها، وكأن المجتمع يعطي أعذارًا واهية للرجال على حساب جلد المرأة.
التمييز ضد المرأة في تطبيق قانون مكافحة الدعارة
التمييز ضد المرأة في القانون يكون إما تمييزًا مكتوبًا بشكل صريح في المواد الدستورية المختلفة، أو يكون في عنصرية تطبيق هذه القوانين، وفي حالة قانون مكافحة الدعارة أو تجريم الجنس التجاري، نجد أن التمييز السلبي ضد المرأة في مكافحة الدعارة يكون عند التطبيق الواقعي للقانون، حيث، تنص المادة (9) من قانون مكافحة الدعارة على: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسة وعشرين جنيها ولا تزيد على ثلاثمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين: (1) كل من أجر أو قدم بأية صفة كانت منزلًا أو مكانًا يدار للفجور أو الدعارة أو لسكنى شخص أو أكثر إذا كان يمارس فيه الفجور أو الدعارة مع علمه بذلك.
ولكن في الواقع، هذا القانون يطبق فعليًا على المرأة وحدها، أما الرجل المشارك معها في هذا الجرم لا يعاقب بمثل هذا العقاب، ولكن يعتبر شاهدًا عليها، وكان هذا أحد أسباب أن تتقدم النائبة شادية ثابت، عضو مجلس النواب، في نوفمبر 2017، بمشروع قانون لمكافحة الدعارة والتحريض على الفسق والفجور، وكان هناك تأييد كبير من النواب لهذا المشروع.
وكان المحامي “ياسر سعد”، علق على أمر التفرقة في العقاب في ممارسة الدعارة، للنساء على حساب الرجال، وذلك في تصريحات سابقة لموقع “رصيف”، قائلًا: “في العادة تعاقب المرأة الممارسة للدعارة بالسجن فترات تتراوح ما بين 3 أشهر و3 سنوات مع إلزامها بدفع غرامة، بينما يظل شريكها من دون عقاب حتى لو اعترف بارتكاب الجريمة، وذلك مقابل إدلائه بالشهادة ضدها في المحكمة”.
ويصف المحامي ذلك بأنه شكل من أشكال التمييز ضد النساء، حيث ينظر إلى المرأة باعتبارها مصدراً للإغواء، وهو ما يبرر معاقبتها مع رفع العقوبة عن الرجل إذا شهد ضدها على الرغم من أن راغب المتعة يُعد شريكاً أصيلاً فى الجريمة وبدونه لا تكتمل أركانها، إلا أنه بمقتضى القانون يُخلى سبيله من سرايا النيابة بعد الاستماع إلى أقواله باعتباره شاهد عيان على الواقعة، فيتحول راغب المتعة إلى شاهد على جريمة شارك في تفاصيلها.
مشروع قانون مكافحة الدعارة والتحريض على الفسق والفجور
أشارت النائبة شادية ثابت، وقت تقديم مشروع القانون الجديد لمكافحة الدعارة والتحريض على الفسق والفجور، إلى أن القانون المعمول به حاليًا أصبح قديمًا جدًا، حيث تم إصداره منذ أكثر من نصف قرن، موضحة أن القانون رقم 10 لسنة 1961 بشان الدعارة، والقانون 68 لسنة 1951، لا يتواكبان مع ما يتعرض له شباب مصر في الآونة الأخيرة، من ظواهر جديدة والتي تشمل تبادل الزوجات، وإقامة الحفلات الجنسية، وما إلى ذلك، ويجب أن يطبق هذا القانون على الرجل والمرأة معًا، فالعنصرية في هذا الأمر لا أساس لها من الصحة.
ووفقًا لما هو واضح أمامنا، أنه لم يتم الموافقة على تطبيق مشروع قانون مكافحة الدعارة الجديد، حتى وقتنا هذا.
نص مشروع القانون الجديد:
مادة 1:
مع عدم الإخلال بأحكام قانون العقوبات فيما لا يخالف أحكام هذا القانون، يلغى القانون رقم 10 لسنة 1961 بشأن الدعارة، والقانون 68 لسنة 1951، كما يلغى أي نص آخر يخالف أحكام هذا القانون، ويطبق هذا القانون في اليوم التالي لنشره.
ولا تخل العقوبات المنصوص عليها فى هذا القانون؛ بتطبيق العقوبات الأشد المنصوص عليها في القوانين الأخرى.
مادة 2:
الدعارة: هي استئجار أو تقديم أو ممارسة خدمات جنسية بمقابل مادي، وممارسة الرذيلة مع الآخرين دون تمييز.
الفسق والفجور: الفسق والفجور هو ارتكاب جرائم جنسية محرمة مثل اللواط، وزنا المحارم، والبهتان.
أماكن الدعارة أو الفجور: كل مكان يستعمل عادة لدعارة الغير أو فجوره ولو كان يمارس فيه الدعارة أو الفجور شخصا واحدا، أو كل مكان مفتوح أو مغلق تتم فيه أفعال بغاء وفسق وفجور.
مادة 3:
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنيتين وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنية كل من:
– حرض شخصا ذكرا كان أو أنثى على ارتكاب الفجور أو استدرجه أو أغواه سواء عن الطريق المباشر أو عبر أي وسيلة من وسائل الاتصال المباشرة أو الإلكترونية، بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة.
– حرض شخصا أو مجموعة أشخاص ذكرا كان أو أنثى على ارتكاب الفجور أو استدرجه أو أغواه عبر أي وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي، أو كون مجموعات الكترونية لهذا الهدف، أو شارك في هذه المجموعات بالفكر والتحريض بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة.
– كل من استخدم أو استدرج أو أغرى شخصا ذكرا كان أو أنثى بقصد ارتكاب الفجور أو الدعارة وذلك بالخداع أو بالقوة أو بالتهديد أو بإساءة استعمال السلطة أو غير ذلك من وسائل الإكراه.
– استبقى بوسيلة من هذه الوسائل شخص ذكرا كان أو أنثى بغير رغبته في محل الفجور أو الدعارة.
– حرض ذكرا لم يتم من العمر الحادية والعشرين سنة ميلادية أو أنثى، أيا كان سنها على مغادرة البلاد أو سهل له ذلك أو استخدمه أو صحبه معه خارجها للاشتغال بالفجور والدعارة.
وإذا كان من وقعت عليه الجرائم السابقة لم يتم من العمر الحادية والعشرين سنة ميلادية كانت العقوبة مضاعفة، ما لم يكن هناك عقوبة أخرى في أي قانون آخر أشد من ذلك.
مادة 4:
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبالغرامة التي لا تقل عن عشرة آلاف جنية كل من أدخل إلى جمهورية مصر العربية شخصا أو سهل له دخولها لارتكاب الفجور أو الدعارة.
مادة 5:
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسون ألف جنية:
- كل من عاون أنثى على ممارسة الدعارة ولو عن طريق الإنفاق المالي.
- كل من استغل بأية وسيلة بغاء شخص أو فجوره.
- كل من روج إلى بغاء شخص أو مجموعة سواء فى العلن أو السر.
وتضاعف العقوبة إذا كان من وقعت عليه الجريمة لم يتم من العمر الحادية والعشرين سنة ميلادية.
مادة 6:
يعاقب على الشروع في الجرائم المبينة بالمواد السابقة بالعقوبة المقررة للجريمة في حالة تمامها.
مادة 7:
كل من فتح أو أدار محلا للفجور أو للدعارة أو عاون بأي طريقة كانت فى إدارته يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنية، ويحكم بإغلاق المحل ومصادرة الأمتعة والأثاث الموجود به.
وإذا كان مرتكب الجريمة من أصول من يمارس الفجور أو الدعارة أو المتولين تربيته أو ممن لهم سلطة عليه تكون العقوبة السجن وغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنية.
مادة 8:
مع عدم الإخلال بأي عقوبات تبعية أخرى يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنية أو بإحدى هاتين العقوبتين:
- كل من أجر أو قدم بأي صفة كانت منزلا أو مكانا يدار للفجور أو الدعارة أو مسكن شخص أو كثر إذا كان يمارس فيه الفجور والدعارة مع علمه بذلك.
- كل من يملك أو يدير منزلا مفروشا أو غرفا مفروشة أو محلا مفتوحا للجمهور يكون قد سهل عادة الفجور أو الدعارة سواء بقبوله أشخاص يرتكبون ذلك أو بسماحة فى محله بالتحريض على الفجور أو الدعارة.
- كل من استخدم ساحات مفتوحة أو أماكن عامة أو دعا إلى حفلات فى أماكن مفتوحة لممارسة الفجور أو الدعارة.
وعند ضبط الشخص فى الحالة الأخيرة يجوز إرساله إلى الكشف الطبي فإذا تبين أنة مصاب بأحد الأمراض التناسلية المعدية حجز فى أحد المعاهد العلاجية حتى يتم شفاؤه.
ويجوز الحكم بوضع المحكوم عليه بعد انقضاء مدة العقوبة فى أصلاحية خاصة إلى أن تأمر الجهة الإدارية بإخراجه ويكون ذلك الحكم وجوبي فى حالة العودة ولا يجوز إبقاؤه فى الإصلاحية أكثر من ثلاث سنوات.
مادة 9:
كل مستغل أو مدير لمحل عمومى أو لمحل من محال الملاهي العمومية أو محل آخر مفتوح للجمهور ويستخدم أشخاصا ممن يمارسون الفجور أو الدعارة بقصد تسهيل ذلك لهم أو بقصد استغلالهم فى ترويج محله يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن خمس سنوات وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه.
وتكون العقوبة مضاعفة إذا كان الفاعل من أصول من يمارس الفجور أو الدعارة أو المتولين تربيته أو ممن لهم سلطة عليه.
ويحكم بإغلاق المحل لمدة لا تقل عن سنة، ويكون الإغلاق نهائيا فى حالة العود .
مادة 10:
يعاقب بالحبس مدة لا تقل على سنتين وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من صنع أو حاز بقصد الاتجار أو التوزيع أو الإيجار أو اللصق أو العرض مطبوعات أو مخطوطات أو رسومات أو إعلانات أو صورا محفورة أو منقوشة أو رسومات يدوية أو فوتوغرافية أو إشارات رمزية أو غير ذلك من الأشياء أو الصور عامة إذا كانت منافية للآداب العامة أو تحمل معاني فجور وفسق أو دعوة إلى ممارسة الدعارة أو الرزيلة.
مادة 11:
يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن ثلاثة آلاف جنية
- كل من فعل علانية فعلاً فاضحاً مخلاً بالحياء.
- كل من ارتكب مع امرأة أمراً مخلاً بالحياء ولو فى غير علانية
مادة 12:
للنيابة العامة بمجرد ضبط الواقعة في الأحوال المنصوص عليها في هذا القانون أن تصدر أمراً بإغلاق المحل أو المنزل المدار للدعارة أو الفجور وتعتبر الأمتعة والأساس المضبوط فى المحال فى حكم الأشياء المضبوط عليها إداريا بمجرد ضبطها حتى يفصل في الدعوى نهائيا وتسلم بعد جردها وإثباتها فى محضر إلى حارس يكلف بالحراسة بغير أجر حسب اللائحة التنفيذية لهذا القانون.
مادة 13:
كل شخص يشتغل أو يقيم عادة في محل أو مكان مفتوح اشتهر لأغراض منافية الآداب والفجور أو الدعارة مع علمه بذلك يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن خمس سنوات.
مادة 14:
كل من أعلن بأي طريقة من طرق الإعلان سواء عن طريق الدعوات المباشرة أو غير المباشرة، أو عن طريق الكتروني أو مواقع التواصل الاجتماعي، أو اى طريق آخر دعوة تتضمن إغراء بالفجور أو الدعارة أو لفت الأنظار إلى ذلك يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سبع سنوات وبغرامة.
مادة 15:
يستتبع الحكم بالإدانة في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة وذلك دون إخلال بالأحكام الخاصة بالمتشردين.
وختامًا، كيف يكون هناك تميزًا واضحًا في تطبيق قانون مكافحة الدعارة على حساب المرأة، على الرغم من أن الرجل مشاركًا في الفعل نفسه، والقانون مُعترف باشراك الرجل في نفس الجرم، ولكن عند التطبيق الفعلي للقانون تظهر ذكورية القوانين في فرض عقوبة مختلفة للمرأة عن الرجل.