الأحد, نوفمبر 24, 2024

أماكن دعم المرأة

الخريطة التفاعلية لأماكن دعم المرأة

الأحد, نوفمبر 24, 2024

أماكن دعم المرأة جغرافيًا (دعم قانوني- اجتماعي- نفسي-تقني)

Homeتقارير ومقالاتمحاكاة لمعاناة اللاجئات السودانيات عبر شهادات خاصة لمبادرتي "صوت" و "عون"

محاكاة لمعاناة اللاجئات السودانيات عبر شهادات خاصة لمبادرتي “صوت” و “عون”

في ظل الصراعات المسلحة الدائرة في السودان، بين الجيش السوداني وميليشيات الدعم السريع، وذلك منذ منتصف أبريل 2023، وحتى اليوم، وردت الإحصائيات أن هناك عدد من النساء تعرضن لاعتداءت جنسية وعنف جسدي ونفسي بالإضافة لكافة أشكال النصب والسرقة، وهذا ما دفعهن إلى التفكير في اللجوء والهروب من بلادهم، واختاروا مصر لتكون وطن ثاني لهم، أكثر أمانًا.

وقد أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر، في أخر تقرير لها، عن زيادة عدد اللاجئين المسجلين لديها بمصر حتى 29 أبريل 2024، وكان أكثرهم من السودان بسبب الصراعات المحتدة هناك في الوقت الحالي، حيث وصل عدد اللاجئين من السودان في مصر، وفقًا للمفوضية إلى 324,048 لاجئًا، و41,733 من جنوب السودان.

ولكن رحلة نزوحهم لم تكن بالهينة أبدًا، وكنا قد قابلنا ثلاثة من اللاجئات السودانيات التي لجأت إلى مصر مؤخرًا، بسبب الحرب في بلادهم، وحصلنا منهم على شهادات خاصة موثقة لمبادرة “صوت لدعم حقوق المرأة”، بالتعاون مع مبادرة “عون”، المهتمة بتقديم الدعم القانوني للنساء التي تعرضن للعنف بكل أشكاله، وخاصةً دعم السيدات اللاجئات قانونيًا، وأوضحوا لنا هؤلاء اللاجئات معاناتهن في السودان التي اضطرتهن للهروب منها والتفكير في اللجوء إلى مصر، وشكل رحلة نزوحهم وصولًا إلى مصر ومعاناتهن في تسجيل الهوية والبحث عن مسكن ومصدر رزق أكثر استقرارًا، بعيدًا عن استغلال أصحاب العمل.

معاناة السودانيات في بلادهم.. اعتداءات جنسية وسرقة

لم تكن حياة السودانية “منى محمد” صاحبة الـ 25 عامًا، بالسهلة في بلادها، وتحديدًا مع بداية الحرب العام الماضي، وهذا ما جعلها تفكر في الفرار هربًا من بلادها، وكان من أبرز أشكال المعاناة التي واجهتها هناك كان تعرضها للسرقة “كنت شايلة حاجات واتسرقت مني”، بالإضافة إلى رؤية المقربون منها من السيدات وهن يتم الاعتداء عليهن جنسيًا، وهو ما جعلها تخشى أن تلقى نفس مصيرهم.. “اللي خلاني أفكر في النزوح هي الاعتداءات الجنسية.. أن المنظر ده يتطبق فيني نفسي.. كنت عايزة أتحرك قبل ما اتعرض لده”.

“في ناس اتعرضت لإعتداءات جنسية.. بعرف 4 بنات اتعرضوا لإعتدءات جنسية وحصل فيها حمل”.. هكذا قالت “منى” لـ”صوت” وحكت عن معاناة تلك البنات في التعامل مع وضعهم الصحي ومحاولة إيجاد طرق إجهاض آمنة أو وسائل منع الحمل، لحل تلك المشكلة التي باتت تؤرق منامهن، وتهدد استقرار حياتهن، ولكن لم تكن هناك أي منظمة صحية داعمة هناك “وقتها كان المنظمات الصحية والمستشفيات كلها مقفولة حتى أدوية منع الحمل أو الجهات المختصة ما كانت موجودة فهما اضطروا يتعاملوا مع الوضع ويولدوا”.

وكذلك أكدت “سندس إبراهيم”، 24 عامًا، والتي تعيش في جنوب دارفور، لـ”صوت”، حقيقة تعرض الكثير من النساء هناك إلى الاعتداءات الجنسية بالإضافة إلى السرقة، فهذه هي أبرز أشكال المعاناة التي اتفق السودانيات عليها، قائلة: “حصل لسيدات كثيرة اعتداءات جنسية وضرب وسرقة في السودان من جيراني وأسرتي”.

وعن إمكانية تلقي دعم صحي لتلك النساء المغتصبات في السودان من قوات الدعم السريع، بحسب ما أوضحوا السيدات في شهاداتهن لنا، قالت “سندس”: “ما في زول بيحللك المشكلة لو حصل اعتداءات جنسية وأصبحت السيدة حامل.. الحامل لوحدها هي اللي بتتحمل مشكلتها بعد الاعتداءات”.

“ما فيش هناك وسائل منع الحمل ولا طرق إجهاض أمنة”.. يبدو أنها معاناة واحدة لكل السودانيات التي تعيش هناك باختلاف مكان إقامتهم، فالسيدة السودانية في ظل الصراع القائم في بلادها، تصل لنفس المصير.. “هناك العيشة صعبة كتير هروبات ونزوح.. الوضع صعب”.

أما السودانية “ناهد مبارك حسين”، 23 سنة، شاهدت الاعتداءات الجنسية عن قرب، فلم تسلم منها ابنة خالتها التي تعرضت للاغتصاب وما كان أمامها حل سوى “الانتحار”، لصعوبة إيجاد حل لمنع الحمل، قائلة: “أنا ما اتعرضتش لاعتداءات جنسية بس عندي بنت خالتى اتعرضت للاغتصاب في السودان من جهة الدعم السريع وانتحرت.. هي كانت مغتصبة وفكرت احتمال أحمل فراحت موتت نفسها علطول”.

رحلة نزوح.. “معاناة وتعب”

بعد أن واجهوا الـ 3 سيدات السودانيات، معاناة تفوق الاحتمال في بلادهم، فكرن في الهرب والنزوح بعيدًا واللجوء إلى بلد أكثر أمانًا، ولكن رحلة نزوحهم لم تكن سهلة، صعبة ككل مراحل حياتهم.

“كان في ارتكازات أمنية تابعة للدعم السريع كانت توقفنا وتضرب علينا نار عشان نطلعلهم فلوس”.. فقد اضطرت “منى” لدفع مبالغ خيالية، كما وصفتها هي في تصريحاتها مع “صوت”، لتفر من بلادها: “علشان أقدر أنزح كان لازم أدفع مبلغ خيالي، لأن وقتها كان في حالات سرقة كتير وكانوا بيقولولنا أنتوا طالعين يبقى لازم يكون عندكم فلوس”.

وهذا لم يكن السبب الوحيد لمشقتها أثناء النزوح، فقد عانت كثيرًا من قلة الأكل هي وباقي زملائها.. “ما كان في أكل أثناء النزوح وكنا بنتناول وجبة واحدة في اليوم”.

وقد اتفقت معها “ناهد محمد”، في تناول وجبة واحدة فقط خلال اليوم، وذلك إذا توفر من الأساس: “الأيام كانت صعبة بصراحة.. كنت باكل واجبة واحدة وأحيانًا ما فيش أكل فبناكل بلح بس ما فيش حل تاني.. والماية لو خلصت خلاص.. والأطفال في الرحلة مكنش بيتوفرلها أكل”.

وأكملت “منى” مصاعب رحلة نزوحها، أنها اضطرت إلى النزوح بمفردها بدون عائلتها أو أفراد أسرتها القريبة، وأنها الوحيدة التي استطاعت النزوح من أسرتها لأنها بنت وحيدة وسط أخوة كلهم ذكور ولا يتم السماح لهم بالنزوح.

ومع معيشتها وحدها في مصر، تجد هكذا صعوبة في التواصل مع أهلها في السودان: “أخر مرة كلمتهم كان من ٣شهور”.

بينما حكت “سندس” أنها هي أيضًا اضطرت للنزوح وحدها، في رحلة كلها معاناة ومشقة “الرحلة كانت صعبة شديد”، وأوضحت لنا أنها أول مرة تفر خارج بلادها، وأنها في مصر منذ ثلاثة أشهر.

وقد استغرقت رحلة نزوح “سندس” من دارفور إلى مصر، حوالي 11 يومًا، مع قلة الطعام والشراب والنوم: “كان الأكل صعب والشراب صعب والنوم صعب خلال رحلة النزوح وكل شيء صعب.. ولو حد تعب مكنش في جهة بتقدملنا أدوية”.

وبالنسبة للمساعدات النسائية الخاصة مثل توفير الفوط الصحية، قالت “سندس”: “ما فيش مساعدات حتى الطبيب مقابلته صعبة والمعيشة صعبة والحمد لله”

وصفت “ناهد مبارك” رحلة نزوحها “معاناة وتعب”، وأوضحت لمبادرة “صوت” أنها نزحت بمفردها أيضًا، تاركة خلف ظهرها جميع أفراد أسرتها: “جيت لوحدي مصر، أهلي لسه في السودان وجوزي كان جاي معايا بس اتقبض عليه في الشارع”.

وأشارت “ناهد” أنها لم تكن المرة الأولى التي تفكر في الهروب من بلادها، فقد نزحت مرتين قبل الحرب وأثناء الحرب إلى مصر، بينما كانت التكلفة باهضة جدًا، وصلت إلى أكثر من الضعف وقت الحرب.

معيشة شبه آمنة في مصر.. التنمر والعنصرية سيد الموقف

الثلاثة أجمعن على أن معيشتهم في مصر كانت أكثر أمنًا من السودان في ظل الحروب هناك، ولكن لم تسلم إحداهن من التنمر والعنصرية، إلى جانب صعوبة العمل وتوفير مسكن، فقد أوضحت العشرينية “منى محمد”: ” والله موضوع الشغل ده كان أكبر مشكلة وأكبر كارثة حصلت معايا فى مصر .. بالظبط الناس اللي مشيت عليهم كانوا ناس مو كويسين ده أول حاجه، مشيت عليهم عن طريق مكتب .. نفس المكتب حاول إنه برضو سرق مني حاجات”.

وكشفت “منى” لنا جزء أخر من معاناتها في الحصول على عمل مستقر وأمن لها، حيث أوضحت تعرضها للاعتداء بالضرب أثناء عملها في النظافة، عندما مرضت وأغمى عليها، ليشك صاحب العمل أنها تتصنع المرض، فقام بضربها وإهانتها وطردها من العمل: “طلعوني بالبجامة اللي كنت لابساها.. قولتلهم طب ادوني حاجاتي قالولي لا مفيش”.

أما “التنمر” كان من أكبر أشكال العنف النفسي التي تعرضت له “منى” في مصر، وكذلك لم تسلم من “التحرش”، وكل هذا بسبب كونها سودانية.

وبملامح وجه ملؤها الحزن والآسى، أوضحت “منى” أنها تعاني من العنصرية في مصر، حيث تتعرض لرفع الأسعار عليها في كل شيء، حتى في أسعار إيجارات الشقق السكنية، قائلة: “بيزودوا علينا الفلوس في كل حاجة، لدرجة أن بخلي حد مصري أعرفه يشتريلي الحاجة علشان ما يزودوش فلوس”.

وبالنسبة لحصولها على المساعدة من جهات رسمية أو غير رسمية منذ وصولها إلى مصر، أوضحت أن المفوضية السامية لم تقدم لهم المساعدة المطلوبة: “المفوضية المفروض تقدملنا حاجات كتير وتساعدنا ولكن ما لقينا منها الحاجات دي.. والجهة الوحيدة التي تدعمنا هي “عون” قدرت تسمعنا وتساعدنا وتلبيلنا حاجاتنا وتدعمنا قانونيًا”.

وكذلك كشفت “سندس” معاناتها في تسجيل الهوية كلاجئة في مصر، مع المفوضية، وعدم تلقيها أي مساعدات أو إعانات مالية منهم، قائلة: “كان لازم أجي من بدري المفوضية وأبيت في الشارع قدام المقر وكان ده في رمضان.. وأخدت كام شهر لحتى اتسجلت”.

وأشارت “سندس” أن زوجها هو الذي يتكفل بمصاريفها كاملةً في مصر، وهو سوداني أيضًا ويعاني من قلة العمل “الشغل في مصر صعب شديد”، كذلك أوضحت تعرض زوجها لاستغلال من أصحاب العمل، من حيث المعاملة وقلة الرواتب.

ولم تسلم “سندس” هي الآخرى من التنمر بها في الشارع: “لما بنزل الشارع بحس بأن في فرق في المعاملة بيني وبين المصريين.. ليهم نظرة غريبة وعنصرية شديدة من حيث اللون والشكل”.

واختتمت “سندس” كلامها مع “صوت”، بخصوص التفكير في رجوعها إلى السودان: “في مصر حاسة بأمان أحسن من الأول.. وما عنديش أمل أرجع السودان، هناك الوضع صعب شديد”.

وبالنسبة لـ”ناهد مبارك”، هي الآخرى وجهت صعوبات في تسجيل الهوية كلاجئة في مصر، قائلة: “قعدت كام يوم ما أخدتش الكارت الأصفر وكنت 24 ساعة قاعدة في المفوضية لحد ما استلمت الكارت ومكنتش بنام”.

وعن حديثها عن العمل في مصر، أوضحت “ناهد” أنه ليس هناك عمل آمن: “بيعاملوكي كأنك مش إنسانة تشتغلى طول النهار وما تقعديش ترتاحي”.

وبسؤالها عن خدمات التعليم المجاني لأطفال اللاجئات السودانيات في مصر، قالت: “عندي عمتي مسجلة ولادها في المدرسة في مصر بفلوسها مفيش حاجة ببلاش”، موضحة أنه لا يوجد جهات رسمية أو غير رسمية تقوم بمساعدتنا في مصر، إلا مبادرة “عون”.

وكانت واحدة من أبرز أشكال معاناتها في مصر، هو تعرضها للتحرش والتنمر كذلك في الشارع، واصفة بأنها دائمًا ما تسمع كلمات مثل:  (يا سودا، مليتولنا البلد، غلتولنا الأسعار).

كانت مصر واحدة من أكثر الأماكن آمنًا لاستقبال اللاجئين/ات السودانيات، ورغم هذا لم تسلم جميعهن من كافة أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي علاوة على كونهم لاجئات سودانيات أيضًا فقد يعيشون حياة قاسية ويواجهن صعوبات جمة في هذا العالم.

مقالات ذات صلة

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

الأكثر شهرة

احدث التعليقات