يُعتبر اليوم الدولي لنيلسون مانديلا، الذي يُحتفل به في 18 يوليو من كل عام، فرصة لتكريم إرث أحد أعظم قادة العالم في النضال ضد الفصل العنصري والدعوة إلى السلام والحرية. يُعد هذا اليوم مناسبة لتذكير العالم بالقيم التي ناضل “مانديلا” من أجلها وتحفيز الأفراد على العمل من أجل إحداث تغيير إيجابي في مجتمعاتهم. كان “مانديلا” دائمًا ما ينادي بتمكين النساء وإعطائهم حقوقهم، فمن أقواله الشهيرة “المرأة هي صانعة التغيير، وإذا أردنا تغيير المجتمع، يجب علينا البدء بتمكين النساء”.
نبذة عن حياة نيلسون مانديلا
وُلد نيلسون روليهلاهلا مانديلا في 18 يوليو 1918 في قرية مفيزو بجنوب أفريقيا. نشأ في عائلة ملكية تنتمي إلى قبيلة التيمبو، وتلقى تعليمه الأساسي في مدارس محلية قبل أن ينتقل إلى جامعة فورت هير.
بدأ مانديلا مسيرته السياسية في شبابه، حيث انضم إلى المؤتمر الوطني الأفريقي (ANC) وسرعان ما أصبح ناشطًا بارزًا في النضال ضد سياسات الفصل العنصري التي كانت تمارسها حكومة جنوب أفريقيا آنذاك.
نضال مانديلا ضد الفصل العنصري
في خمسينيات القرن الماضي، بدأ مانديلا نشاطه المكثف ضد الفصل العنصري، وشارك في تنظيم حملات احتجاجية وإضرابات جماعية. وكان جزءًا من قيادات المؤتمر الوطني الأفريقي التي نادت بالمساواة والعدالة.
في عام 1962، تم اعتقال مانديلا وحُكم عليه بالسجن لمدة 27 عامًا. قضى معظم هذه السنوات في سجن روبن آيلاند، حيث أصبح رمزًا للنضال والصمود ضد الظلم والقهر.
وفي عام 1990، تم الإفراج عن مانديلا بفضل الضغوط الدولية والمحلية. خرج من السجن ليقود البلاد نحو حقبة جديدة من المصالحة والسلام.
في عام 1994، أصبح مانديلا أول رئيس ذو بشرة سوداء، لجنوب أفريقيا بعد أول انتخابات ديمقراطية شاملة في تاريخ البلاد. عمل خلال فترة رئاسته على توحيد الأمة وتحقيق العدالة الاجتماعية، واستمر نيلسون مانديلا برئاسة جنوب إفريقيا من 10 مايو 1994م إلى 14 يونيه 1999م، لفترة رئاسية واحدة حيث لم يسع لفترة رئاسية ثانية التي خلفه فيها نائبه ثابو مبيكي في عام 1999م.
الاحتفال باليوم الدولي لنيلسون مانديلا
تم الإعلان عن 18 يوليو كيوم عالمي لنيلسون مانديلا من قبل منظمة الأمم المتحدة في نوفمبر 2009، تكريمًا لإسهاماته العظيمة في النضال من أجل حقوق الإنسان والعدالة.
يُعتبر اليوم الدولي لنيلسون مانديلا فرصة لتذكير العالم بأهمية السلام والمصالحة. يجب أن نعمل جميعًا على تعزيز هذه القيم في مجتمعاتنا. تعلمنا حياة مانديلا أن التغيير الحقيقي يأتي من العمل الجماعي والتضامن. يجب علينا أن نتكاتف لتحقيق عالم أكثر عدالة وإنسانية.
تُقام العديد من الفعاليات والأنشطة في هذا اليوم، مثل حملات التوعية وورش العمل والمعارض التي تهدف إلى تعزيز قيم مانديلا. يشارك الناس في مختلف أنحاء العالم في أنشطة تطوعية لتحسين مجتمعاتهم.
أبرز إنجازات مانديلا في مجال حقوق المرأة والطفل
“لا يمكن لأي أمة أن تزدهر إذا كانت تظلم نصف سكانها”.. كان نيلسون مانديلا مؤمنًا بأهمية تحقيق العدالة والمساواة لكل أفراد المجتمع، بمن فيهم النساء والأطفال. وقد جعل من حقوقهم جزءًا أساسيًا من نضاله من أجل الحرية والديمقراطية، وشملت أبرز إنجازات مانديلا في مجال حقوق المرأة والطفل على العديد من المبادئ، أهمها:
- اعتمد مانديلا على مبادئ أساسية في نضاله من أجل حقوق الإنسان، منها المساواة، العدالة، واحترام كرامة الإنسان، حيث كان يؤمن بأن أي مجتمع لا يمكن أن يكون عادلاً دون تحقيق حقوق المرأة والطفل.
- عمل مانديلا على تحسين أوضاع المرأة والطفل من خلال نضاله ضد الفصل العنصري. كان يطالب بحقوق متساوية للجميع، وسعى جاهدًا لإلغاء القوانين التي تميز ضدهم، حيث كان النساء والأطفال وقتها يعانون من التمييز والظلم في مجالات التعليم، الصحة، والعمل.
- شمل الدستور الجديد في عهده على نصوص تتضمن حقوق المرأة والطفل، بما في ذلك الحق في التعليم والرعاية الصحية والحماية من العنف والاستغلال.
- أطلق مانديلا إصلاحات لتحسين نظام التعليم في جنوب أفريقيا، بهدف توفير فرص تعليمية متساوية لجميع الأطفال، بغض النظر عن خلفيتهم الاجتماعية أو العرقية.
- عمل مانديلا على تعزيز دور المرأة في المجتمع من خلال توفير فرص متساوية لها في التعليم والعمل والسياسة. سعى إلى إزالة الحواجز التي تحول دون تحقيق النساء لإمكاناتهن الكاملة.
- أسس مانديلا العديد من المؤسسات الخيرية مثل “مؤسسة نيلسون مانديلا” التي تعمل على تحسين التعليم والصحة ومكافحة الفقر وتحسين حياة المهمشين وخاصة النساء والأطفال، حيث كانت تدعم هذه المؤسسة برامج تعليمية وصحية واجتماعية تهدف إلى تمكين هذه الفئات.
- أطلقت “مؤسسة نيلسون مانديلا” العديد من المشاريع لدعم المرأة والطفل، منها برامج تعليمية وصحية، ومشاريع تمكين اقتصادي تهدف إلى تعزيز قدراتهم ومساعدتهم على تحقيق الاستقلالية.
- سعى مانديلا لتحسين الرعاية الصحية للمرأة والطفل من خلال إطلاق مبادرات لتعزيز الخدمات الصحية وضمان وصول الجميع إليها، حيث كان يؤمن بأن الصحة حق أساسي يجب أن يُتاح للجميع.
- أطلق مانديلا حملات لمكافحة الأمراض المزمنة التي تؤثر على المرأة والطفل، مثل فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، فقد عمل على نشر الوعي وتوفير العلاج والدعم للمصابين.
- تم سن قوانين في جنوب أفريقيا خلال فترة حكم مانديلا تهدف إلى حماية حقوق المرأة في أماكن العمل، ومنع التمييز والتحرش الجنسي. كانت هذه القوانين جزءًا من جهوده لتحقيق المساواة بين الجنسين.
- سعى مانديلا إلى تعزيز المساواة في الفرص للنساء في أماكن العمل من خلال سياسات وبرامج تهدف إلى تمكين النساء وتشجيعهن على تولي مناصب قيادية، فقد اختار مانديلا المحامية الشابة “بيلاي” وعينها كأول امرأة سوداء في المحكمة العليا في جنوب أفريقيا، و تقول المحامية “بيلاي”: “يتعين أن تدرك أنه، في ذلك الوقت، كانت هناك مقاومة شديدة للتعيينات من هذا النوع وكان كثيرون يقولون إن السود غير جاهزين لهذه المسؤوليات”.
- تم إطلاق العديد من البرامج التي تهدف إلى تدريب النساء وتطوير مهاراتهن، لتمكينهن من دخول سوق العمل والمساهمة في الاقتصاد الوطني.
- شجع مانديلا على دعم المشاريع الصغيرة التي تديرها النساء من خلال تقديم التمويل والتدريب والمشورة. كانت هذه المشاريع تلعب دورًا هامًا في تحسين وضع النساء الاقتصادي والاجتماعي.
- تم سن قوانين جديدة في جنوب أفريقيا، في عهده، لحماية الأطفال من العنف والاستغلال، وضمان حقوقهم في الرعاية والتعليم والحياة الكريمة.
- أطلق مانديلا حملات توعية تهدف إلى حماية الأطفال من العنف والإهمال، وتعزيز فهم المجتمع لأهمية حماية حقوق الأطفال.
- أطلاق مانديلا في عهده “صندوق مانديلا للأطفال”، والذي يهدف لمساعدة الشباب والأيتام.
أثر مانديلا على حقوق المرأة والطفل لم يقتصر على جنوب أفريقيا فقط، بل امتد تأثيره إلى أنحاء العالم. فقد ألهمت جهوده الكثير من الدول لتبني سياسات تحمي حقوق المرأة والطفل. وقد نال مانديلا إشادة واسعة من المجتمع الدولي لجهوده في تعزيز حقوق الإنسان، وخاصة حقوق المرأة والطفل، وتقول المفوضة السامية للأمم المتحدة إنها تشعر بابتهاج شديد عندما تفكر في مانديلا باعتباره شخصًا عزز حقوق المرأة. وتم تكريمه بالعديد من الجوائز والأوسمة تقديرًا لإنجازاته.
نيلسون مانديلا كان وما زال رمزًا للنضال من أجل حقوق الإنسان، وخاصة حقوق المرأة والطفل. من خلال جهوده وإرثه، ألهم العالم لتحقيق العدالة والمساواة للجميع.