تزايدت حوادث قتل النساء في البلدان العربية وجاءت في المرتبة الأولى “جمهورية مصر العربية”، حيث ظهرت في الفترات الأخيرة حالات قتل بطرق مختلفة وجميعها على أثر علاقات عاطفية سابقة أو مرفوضة منذ بدايتها، ويسعى الرجل الطرف الأول في العلاقة لعرض الزواج على الفتاة وعند الرفض ينتهى الأمر بقتلها.
تجدر الإشارة إلى أن هذا النوع من الجرائم ليس بحديث بل منتشر منذ سنوات ماضية في كثير من الدول العربية على وجه التحديد، وفي تقريرنا هذا نستعرض مؤشر تزايد تلك الحوادث المؤلمة، ويشمل هذا الحصر سجل “ضحايا العلاقات” من تهديدات واعتداءات وجرائم قتل بطرق مختلفة، وذلك على مدار 6 سنوات منذ عام 2016 حتى وقتنا الحالي 2022.
تزامنت مع شهر يونيه 2016، حيث أعلنت الشرطة الباكستانية وفاة فتاة أُحرقت حية، على يد 4 أشخاص، لرفضها الزواج من أحداهما، وألقي القبض على 3 أشخاص منهم بعد الجريمة مباشرة.
في نهاية نفس العام، تحديدًا في شهر ديسمبر 2016، تقدم شاب بجنوب شرق إيران للزواج من سيدة في بلدة جهان في محافظة كرمان، وبعد رفضها الزواج منه قتلها بواسطة “سلاح رشاش” قبل أن يطلق النار على أفراد عائلتها، فقتل 9 منهم، بينهم 3 نساء وطفلان.
بتاريخ أكتوبر 2019، أطلق شاب مصري بمحافظة قنا عدة أعيرة نارية على ابنة عمه، لتلفظ أنفاسها داخل إحدى طرقات مدرسة “قرية العركى الابتدائية” وسط تلاميذها الصغار، وذلك بسبب رفضها الزواج منه مرتين مما أثار غضبه وقرر إنهاء حياتها داخل مقر عملها، وتم القبض عليه على الفور.
في ديسمبر 2019، قام شاب سوري بتفجير قنبلة يدوية داخل منزل أسرة فتاة سورية، كان تقدم في وقت سابق لعرض الزواج عليها وجاء طلبه بالرفض من عائلتها، وراح ضحية هذا التفجير هو والفتاة، أما والدتها التى كانت بالمنزل نقلت إلى قسم العناية المشددة لإجراء الإسعافات اللازمة لها وبقيت على قيد الحياة.
لم تتوقف ثقاقة القتل مقابل الرفض على نطاق الدول العربية فقط بل إمتدت لدول أخرى، تحديدًا في شهر أكتوبر 2020، في قرية “راسولبور” بالهند، تعرضت فتاة للتحرش من قبل شاب يتعرض لها كثيراً لطلب الزواج منها ولكنها رفضت وهددته بإبلاغ والدتها عنه، مما جعله يقرر هو وأصدقاؤه سكب زيت الغاز عليها وأشعلوا النار فيها لتتعرض لحروق كبيرة، وتوفيت في المستشفى بعدما فشلت محاولات الفريق الطبي لإنقاذ حياتها.
في الربع الأول من عام 2021، شهدت محافظة “مرسى مطروح” بمصر، أبشع حوادث الاعتداء، نجت الضحية من الموت فيها بأعجوبة، حيث طارد شاب فتاة تبلغ من العمر 16 عام، وانهال عليها طعنا بساطور محدثا بها إصابات خطيرة بالوجه والرأس واليدين، وذلك بعد رفض الأسرة زواجه منها لصغر سنها، والجدير بالذكر إن بعض المستشفيات رفضت استقبال الضحية لخطورة حالتها حتى تم نقلها إلى المستشفى الجامعي بالإسكندرية وأجريت لها عملية جراحية استغرقت 7 ساعات بحسب تصريحات والدها.
لم تمر نهاية العام إلا بسقوط ضحية جديدة، ففي ديسمبر 2021، بأحد الشواع بأحياء مدينة أوروفا بتركيا، تعرضت فتاة سورية لعدة طعنات في صدرها وظهرها من قبل شاب سوري بسبب رفضها طلب الزواج منه، مما أثار غضبه ودفعه لارتكاب الجريمة حيث انتظرها وتربص لها أثناء ذهابها إلى عملها.
بنهاية شهر ديسمبر 2021، تم توثيق مقطع فيديو لحظة مقتل فتاة سورية طعنًا على يد شاب تقدم لخطبتها ورفضته، حيث سدد لها 15 طعنة متفرقة حتى سقطت أرضا ولفظت أنفاسها الأخيرة، وأوضح والد الضحية أنه كان دائم الإزعاج لها ولأسرتها، كما أكد أنه ذهب وقدم شكوى للأجهزة الأمنية في الشاب القاتل، حيث حاول دهسه في إحدى المرات أثناء الدفاع عن ابنته.
في أبريل 2022، بمحيط قسم شرطة المطرية محافظة القاهرة، قتل شاباً فتاة بعد رفضها الزواج منه حيث تربص لها بسلاحًا أبيض وسدد لها عدة طعنات بالبطن والصدر توفت على إثرها، وأثناء التحقيق معه قال للنيابة العامة “رفضتنى فانتقمت منها”، وقد تمت إحالته لمحكمة الجنايات.
جريمة تلو الأخرى، بتاريخ 20 يونيه 2022، قام شاب طالب بجامعة المنصورة، بطعن زميلته وذبحها أمام إحدى بوابات الجامعة، وتم نقل الفتاة إلى المستشفى إلا أنها لفظت أنفاسها الأخيرة قبل اسعافها، وكان المتهم قد عرض الزواج على الضحية و لكنها أبلغته رفضت عدة مرات سابقة.
بعد مرورعدة أيام قليلة في يونيه 2022، تكررت نفس الواقعة مع إختلاف سلاح الجريمة، داخل أسوار جامعة العلوم التطبيقية، في عمان عاصمة الأردن، أطلق شاب النيران على فتاة ولاذ بالفرار، وتم نقلها على الفور إلى المستشفي وتوفت فور وصولها، وكان المتهم قد عرض الزواج على الضحية ورفضت طلبه، وحينها دشن رواد السوشيال ميديا تدوينة بعنوان “ومازال القوس مفتوح_ مرة واحدة قالت لا اتقتلت”.
وفي ذات السياق، بعد مرور شهرين في أغسطس 2022، تكرار حادث قتل طالبة جامعية على يد زميلها بمحافظة الشرقية، حيث طعنها عدة طعنات بسكين كان بحوزته أثناء تواجدها في مدخل عقار بالقرب من محكمة الزقازيق وتوفت حينها، وألقى الأهالي القبض على المتهم على الفور، كان المتهم قد وضع مخططا لقتلها ونشر مقطع بصورتهما معاً ينتوى قتلها قبل ارتكابه للجريمة، وذلك بعد انتهت علاقتهما العاطفية في وقت سابق ورفضت الضحية الزواج منه.
بحلول شهر سبتمبر 2022، وقعت جريمة جديدة لفتاة بمحافظة المنوفية، حيث قام شاب بتصويب طلقات عليها من سلاح ناري أمام منزل أسرتها وأصيبت في ظهرها وتوفت قبل نقلها للمستشفي، وفر المتهم هارباً، حتى قام بالإنتحار بعد أيام من ارتكابه للجريمة، وكان قد تقدم لخطبة الضحية ولكنها رفضته لذا قرر قتلها.
في منتصف أكتوبر 2022، قتلت فتاة في منطقة الشرق محافظة بورسعيد على يد خطيبها السابق، حيث قامت الضحية بفسخ الخطبة في وقت سابق للجريمة وقامت بتقديم استقالتها من العمل، حتى لا تراه مرة أخرى، إلا أن خطيبها ذهب إليها وهي بمفردها وتشاجر معها ثم خنقها وفر هارباً.
شهد نفس الشهر أيضاَ، جريمة حرق شاب لجسد فتاة بالجزائر بعد رفضها الزواج منه، حيث تعرضت الضحية أثناء الذهاب إلى العمل لسكب البنزين على جسدها وأشعل النار فيها، ووفق أحد أقارب الضحية أنها تعرضت للمضايقة منه بعدما اتخذت قرارها بالسفر إلى فرنسا للبعد عنه، ونقلت الفتاة إلى إسبانيا على متن طائرة طبية لتلقي العلاج هناك، حيث غطت الجروح أكثر من 60% من جسدها.
بالتزامن مع نهاية أكتوبر 2022، قام شاب سوداني بذبح فتاة أمام المارة في منطقة أمبدة بمدينة أمدرمان، حيث خرجت الضحية من منزلها لشراء بعض المستلزمات فلحق بها وأثناء مناقشتها معه قام بقتلها، وذلك بعد أن تقدم لخطبتها ورفضته، و قد ألقت الشرطة القبض على الجاني.
في نوفمبر الماضي،أعلنت الشرطة الهندية، عن مقتل طفلة عمرها 14 عاما، على يد شاب حيث تعرضت للخنق حتى الموت، بسبب رفضها عرض الزواج منه، وهدد أسرتها في وقت سابق لإرتكاب الجريمة، الجدير بالذكر أن المتهم، الذي هرب من منزله عثر عليه ميتا في حقل لقصب السكر في قرية حاجيبور بعد ذلك.
دق ناقوس الخطر، حيث تتزايد حالات الاعتداء والتهديد بالقتل يومياً في الفترات الأخيرة، ففي تاريخ سبتمبر 2022، حررت فتاة مصرية بالغة من العمر 21 عاما، وهى طالبة جامعية، محضرًا بتهديدات بالقتل عبر مواقع التو اصل الاجتماعي من شاب بعدما تقدم لخطبتها ولكنها رفضت الزواج منه في منطقة شبين القناطر، وأضافت التحريات أن المتهم توجه إلى منزل خال الفتاة وطلب الحديث معه لكنه رفض، ونظراً لإصرار المتهم ذهب خال القتاة إلى قسم شرطة شبين القناطر لتحرير محضر بعدم التعرض إلى ابنة شقيقته.
وعلى صعيد أخرس، قام رجال قسم شرطة “حدائق القبة” بالقاهرة، بضبط شاب تعدى على فتاة وهددها بالقتل بعد رفض الزواج منه، حيث قالت الفتاة ” أرسل لي بعد رفض الخطبة تهديدات بفضحي وأنه هيقتلني زي نيرة وسلمى وقتها حاولت أفهمه أن كل شيء قسمة ونصيب ولكن استمر في إرسال رسائل تهديدات بالقتل لي ولأسرتي.. ووصل الأمر إلى أنه تهجم علي بمنزلي وقام بالتعدي علي بالضرب وعلى أسرتي”.
في ديسمبر الجاري، استغاثت فتاة مصرية بمحافظة الإسماعيلية لإنقاذها من تهديدات خطيبها السابق لرفضها استكمال الخطبة والزواج منه، وكان المتهم قد هددها بإلقاء مياه النار على وجهها والقتل ذبحا، كما كشفت أن خطيبها اقتحم منزلها في الإسماعيلية وحطم أثاثه وبعثر محتوياته، متهمة إياه بسرقة مقتنياتها وملابسها، وتم ضبط المتهم وتولت النيابة العامة التحقيق في ملابسات الواقعة.
الحادثة العشرون:
“هعمل منك نيرة جديدة”، واقعتين تهديد بنفس العبارة لفتاتين مصريتين، هل ستكونان الضحية القادمة بعد تكرار حوادث التهديد بالقتل والإعتداء، فالواقعة الأولى لفتاة قامت بتقديم بلاغ لقسم شرطة حلوان بالقاهرة مصابة بجروح وسحجات بالجسم، بتضررها من زوج شقيقتها، مقيم بدائرة القسم لقيامه باالتعدى عليها بالضرب، بسبب رفضها الزواج من شقيقه، مما نتج عن ذلك إصابتها المنوه عنها، وبمواجهته اعترف بارتكاب الواقعة لذات السبب، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية، وتولت النيابة العامة التحقيق.
أما الأخرى، استغاثت فتاة مصرية عبر صفحتها “فيس بوك” قائلة ( يا جماعه الشخص ده بيطاردني في كل مكان وأذاني في شغلي وعملت ليه محاضر عدم تعرض وبرضه مفيش نتيجة ومفيش اجراء قانوني اتخذ ضده الظاهر مستنين لما يقتلني واروح مع اللي اتقتلوا قبل كده بسبب الاهمال وعدم حدوث عقاب رادع)
بعد استعراض سجل الضحايا أعلاه، تأتى أزمة استمرار وقائع العنف ضد النساء والفتيات في مختلف الدول وبالأخص في الدول العربية أزمة حقيقة لا يمكن إغفالها على الإطلاق، وستكون في تزايد ما لم يتم وضع عقوبة رادعة لذلك، فالأمر يحتاج لوضع حد لإنهاء تلك الجرائم، تعيش الكثيرات في خوف وذعر من التهديدات المستمرة بسبب رفضهن الزواج.
نحن بحاجة لوضع آليات حماية قانونية مناسبة للضحايا وفاعلية أكبر من مجرد تحرير محضر بعدم التعرض بإحدى أقسام الشرطة، وهذا ما يدعو للنظر في إعادة التشريعات وإصدار قانون موحد لمناهضة العنف ضد النساء بوجه عام، ونأمل أن يتم مناقشة القوانين وتوفير حماية سريعة للفتيات والنساء قبل سقوط ضحايا جديدة بعد ذلك.