هناك نسبة لا بأس بها من النساء والفتيات تعرضن للاغتصاب، كنوع من العنف الجنسي الممارس بحقهن بالإجبار، لدرجة أن هناك جيل جديد من الابناء ينتظرون البت في قضايا نسبهم، وهي تعد من أكبر المشاكل التي تقع بها النساء بعد تعرضهن للاغتصاب، الذي يؤدي إلى الافتضاض والحمل، وبالتالي أما أن يتم اكتشاف الأمر مؤخرًا، حيث يصعب الإجهاض، رغم حملها رغمنًا عنها، أو في بعض الحالات أن الأهالي بعد حدوث الواقعة، يرفضوا الإبلاغ عنها، ويخفوا بناتهن بعيدًا، حتى تلد، خوفًا من الرفض المجتمعي، لأنها مسألة تمس الشرف، وبعدها مع كبر الطفل وحاجته لشهادة ميلاد، يبدء التفكير في رفع دعوى إثبات نسب، والتي يصعب فيها اعتراف الأب بنجله، لأن القانون لا يلزم الأب الاعتراف بنجله الذي جاء نتيجة زنا أو اغتصاب، ومع صعوبة إتمام تحليل البصمة الوراثية DNA، يضيع نسب الطفل لسنوات طويلة، حتى أنه يمكن أن يموت دون إثبات نسب.
ومن خلال هذا الموضوع، نسلط الضوء في مبادرتنا صوت لدعم حقوق المرأة، حول قضايا الاغتصاب ومشكلة اثبات النسب، والعلاج الوقائي للاغتصاب بعد حدوثه. ودعونا نبدأ أولًا بالمقصود بالاغتصاب بشكل علمي.
ما هو الاغتصاب
وفقًا لمنظمة الأمم المتحدة، يُعرف الاغتصاب على إنه شكل من أشكال الاعتداء الجنسي، و يشمل الجماع غير المشروع مع شخص ضد إرادته أو موافقته. عادةً ما ينطوي على اتصال جنسي دون موافقة من الشخص الآخر، بما في ذلك الإيلاج عن طريق التهديد القوة العجز، أو الإيلاج الجنسي مع شخص غير قادر على إعطاء الموافقة، مثل الأطفال أو الأشخاص غير المؤهلين
التدبير السريري للاغتصاب
تحتاج الناجيات من الاغتصاب إلى رعاية طبية عاجلة من نوع خاص، ترتبط مباشرة بنوع العنف الذي تعرضن له. وينطبق ذلك سواء تعرضت المرأة للاغتصاب على يد شريكها أو أي شخص آخر، ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، نرصد لكم بعض الإجراءات اللازم حدوثها بعد التعرض للاغتصاب، والتي تشمل على:
- ضرورة إجراء الفحص للناجيات، والذي يتمثل في: البدني، والتناسلي، للكشف عن جميع الإصابات وعلاجها.
- تقييم خطر الحمل، والعدوى المنقولة جنسيًا، وفيروس العوز المناعي “الإيدز”، والتيتانوس، والتهاب الكبد B
- توجيه جميع العينات وتوثيقها.
- تحديد العلاج الأمثل، والمشورة اللازمة، والرعاية الصحية أثناء المتابعة.
- تقديم المعلومات إلى طرف ثالث، مثل الشرطة أو المحاكم المختصة.
العلاج الوقائي بعد التعرض للاغتصاب
كنا قد تواصلنا بشكل خاص مع الدكتورة ماريا حلمي، أخصائية النساء والتوليد بسوهاج، في حملة “صوت” للتوعية بالعنف الجنسي لهذا الشهر، وشرحت لنا بعض الإجراءات الطبية اللازم عملها بعد تعرض أي فتاة أو سيدة لواقعة اغتصاب، للوقاية من التعرض للحمل، بالإضافة لمحاولة معالجة نفسها بعد التعرض لجروح أو تهتك في الجهاز التناسلي أو نزيف حاد، وهو ما يسمى بالعلاج الوقائي بعد التعرض للاغتصاب:
- يجب الكشف الطبي المفصل بواسطة الطب الشرعي، للحفاظ على حقوق الفتاة.
- ضرورة تناول وسائل منع الحمل الطارئة، بعد استشارة الطبيب المختص، لمحاولة عدم التعرض للحمل بعد الاغتصاب.
- التدخل الجراحي في حالة حدوث تهتك عنيف بالحوض وهو أمر شائع في حالات الاغتصاب.
- ضرورة العرض على الطب النفسي.
دور الطب الشرعي في إثبات النسب
يتم اثبات نسب الأطفال من حمل نتج عن الاغتصاب، عن طريق فحص فصيلة دم الشخص المغتصب والسيدة الضحية والطفل، وإما أن يكون فصيلة دم الطفل تتناسب مع فصيلة دم الأم فقط، وهذا يعني أن الشخص المشكوك في إغتصابها، ليس الأب الحقيقي للطفل، وفي هذه الحالة يتم اللجوء لتحليل البصمة الوراثية DNA، للتأكد من الأمر، ويتم أخذها من أحد أنسجة الجسم سواء الشعر أو الأظافر أو اللعاب.
وكان كبير الأطباء الشرعيين الأسبق، الدكتور إحسان كميل جورجى، أوضح في تصريحات إعلامية سابقة، أنه يمكن عن طريق الحمض النووي اثبات نسب الجنين أثناء فترة الحمل، وهذا يسمى تحليلًا مخبريًا على هرمون بالدم، ويثبت من خلاله النسب قبل وضع الجنين.
مصير الابناء بعد الحمل من الاغتصاب
الحمل هو نتيجة محتملة للاغتصاب، وهو ما يؤدي إلى آثار سلبية على الناجية والطفل الناتج عن الحمل من الاغتصاب، فالمرأة التي تصبح حاملًا بعد الاغتصاب، ومن ثم ينتج عن هذا ولادة طفل بدون نسب، يكون مصيره في الحياة أصعب ما يكون، وخاصةً في ظل دولة الإجهاض فيها بمختلف أسبابه، غير قانوني:
- في حالة إذا كان الشخص المغتصب غير معروف، يكون الوضع أصعب في بدء عمل تحقيقات موسعة للبحث عنه من أجل إثبات نسب ابنه.
- وإذا كان المغتصب معلوم، تقوم الضحية برفع دعوى اثبات نسب، وعليه يطلب القاضي تحليل البصمة الوراثية DNA، وإذا رفض الشخص المشكوك في اغتصابه للضحية، عمل هذا التحليل، يتم انتساب الابن له.
- خلال الفترة التي يتم فيها إجراء التحقيقات لمحاولة اثبات نسب الطفل، والتي قد تصل لعدد من السنوات، يكون لهذا الطفل شهادة ميلاد مؤقتة باسم الجد من الأم، حتى يستطيع أخذ كامل تطعيماته، بالإضافة إلى استكمال باقي الإجراءات القانونية له كطفل في بلده.
مقترح قانون الأسرة الجديد المقدم للبرمان بشأن اثبات النسب
قدمت الحكومة المصرية لمجلس النواب، مقترح جديد لقانون الأحوال الشخصية والمقرر مناقشته في البرلمان قريبًا، سوف يناقش جميع الإشكاليات الخاصة بإثبات النسب.
فقد نصت المادة 81 من القانون في الفقرة (ج)، على الآتي:
- يثبت نسب كل مولود إلى أمه بمجرد ثبوت الولادة دون قيد أو شرط.
- يثبت النسب للأب بالفراش أو بالاقرار أو بالبينة مع مراعاة مواد النسب في هذا القانون.
- يثبت النسب بالطرق العلمية في حالات إنكار من ينسب إليه الطفل شرعًا أو حالات التنازع حول مجهول النسب أو حالات تشابه الأطفال أو اختلاطهم.
- مع مراعاة أحكام القانون رقم 143 لسنة 1994 بشأن الأحوال المدنية تختار الجهة الإدارية المختصة اسمًا رباعيًا لمن لم يثبت نسب الأب.
- لا يقبل ادعاء نسب مولود فراش زوجية الغير ولا يثبت النسب بالتبني.
