في ظل ما تمر به عدد كبير من الدول العربية من حروب وصراعات نتيجة للأوضاع السياسية والاقتصادية المتدهورة، نجد أن عدد كبير من اللاجئات اضطرت للهجرة واللجوء في بلاد عربية أو أجنبية، وخاصة الفلسطينيات والسودانيات والسوريات والعراقيات، وهؤلاء النساء بحاجة إلى تسجيل الهوية في أماكن إقامتهم الجديدة، هم وأبنائهم، حتى لا تضيع هويتهم. وهناك عدد كبير من الدول تقدم إرشادات وتسهيلات لتسجيل الهوية، بينما البعض الآخر يقدم عراقيل ولم يمد يد المساعدة لتلك اللاجئات، مما يتعرضوا لخطر ضياع الهوية، وخصوصة للمواليد الجدد.
وفي ظل هجرة ملايين السيدات من بلادهم، ومغادرة أوطانهم، راحوا يطلبون حقهم في الاستقرار في الدول المُضيفة، ومن أبسط حقوقهم هو حقهم في تسجيل الهوية هم وأبنائهم من اللاجئات، لتأمين مستقبل الأبناء وزيادة فرص الحصول على عمل.
تسجيل الهوية والأبناء المولودين للاجئات في مصر
في تقرير من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر، بنهاية 2024، أوضحوا أن مصر تستضيف أكثر من 600 ألف لاجئ/ة وطالب لجوء مسجلين من 62 جنسية مختلفة، ومع نهاية أكتوبر 2023، أصبحت الجنسية السودانية هي الأكثر عددًا يليها الجنسية السورية، تليها أعدادًا أقل من جنوب السودان وإريتريا وإثيوبيا، واليمن، والصومال، والعراق.
ومنذ بدأ الاشتباك في السودان في أبريل 2023، أجبر أعدادًا كبيرة من السكان على النزوح لمصر وباقي الدول المجاورة بحثًا عن الحماية. ومع تدهور الأوضاع في فلسطين منذ أكتوبر 2023، اضطر عددًا آخر من الفلسطينين/ات الهجرة إلى مصر للاحتماء بها، وكذلك الأشقاء من سوريا الذين طلبوا اللجوء إلى مصر منذ عام 2012، وكذلك من العراق وغيرها من دول النزاع المسلح، لتقوم المفاوضية في مصر بتوسيع نطاق المساعدة، ومن ضمن سبل المساعدة كان تسجيل الهوية للاجئين/ات وأبنائهم.
وقد ذكرت تقارير المفوضية ارتفاع عدد السوريين المسجلين في مصر، بشكل كبير من 12,800 في نهاية عام 2012 إلى أكثر من 153,000 شخص في نهاية عام 2023، وذلك نتيجة للأزمة في سوريا مؤخرًا، فإن مصر تستضيف الآن أكبر عدد من اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين في تاريخها.
وتواصل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في مصر تقديم خدمات تسجيل الهوية الجديدة والمستمرة للاجئين وطالبي اللجوء، باعتبارها الوكالة الوحيدة التي تقدم خدمات التسجيل والتوثيق لطالبي اللجوء واللاجئين في مصر، في مكاتب 6 أكتوبر والزمالك والإسكندرية. لضمان الحصول على إجراءات وخدمات سلسة لأكبر عدد ممكن من المتقدمين.
وتضع المفوضية السامية بعض القواعد لتسجيل اللاجئين/ات وأبنائهم في مصر، وتذكرهم بالآتي عبر موقعها الرسمي بمصر:
- مواعيد التسجيل الجديدة.
- – مواعيد تجديد الوثيقة: للاجئين وطالبي اللجوء الذين يحملون وثائق مفوضية شؤون اللاجئين منتهية الصلاحية أو على وشك الانتهاء في غضون 3 أشهر.
- إضافة لأفراد الأسرة.
- تسجيل المواليد الجدد (أقل من عامين).
- وثائق الهوية المفقودة أو التالفة.
- الإغلاق.
تسجيل الهوية وأبناء اللاجئين في السعودية
هناك عدة مشاكل عند تسجيل هوية اللاجئين/ات وأبنائهم في المملكة العربية السعودية، فوفق لما ذكرته المفوضية السامية للأمم المتحدة هناك، أن تسجيل الشخص لدى المفوضية بالسعودية والاعتراف به كلاجئ، لا يمنحه أي وضع خاص في المملكة. حيث أن المملكة ليست من الدول الموقعة على اتفاقية اللاجئين لعام 1951. وبالتالي إقامة الشخص في المملكة تكون وفقًا لإجراءات نظام الإقامة المعمول بها في المملكة. ولذلك، لابد من الحرص على أن تكون الإقامة سارية المفعول للاستفادة من الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم. حيث لا تمنح المفوضية أي استثناء فيما يتعلق بمسألة تجديد هوية الإقامة أو تأشيرة الزيارة أو تغيير الوضع القانوني.
وتنصح المفوضية الجميع بالحفاظ على وضع نظامي سليم في المملكة، بغض النظر عما إذا كان مقدم الطلب لدى المفوضية طالب لجوء مُسجل أو لاجئ. ويجب على الجميع احترام قوانين المملكة والالتزام بها.
معوقات تسجيل الهوية للاجئات السوريات في لبنان
يعاني اللاجئون/ات السوريون/ات في لبنان، منذ سنوات، من معوقات معيشية في لبنان، وذلك تحديدًا بعد الأزمة الاقتصادية التي عانتها لبنان منذ عام 2019، فقد أجمعت القوى السياسية داخل لبنان على تحميل اللاجئين السوريين المسؤوليةَ عن الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة التي يعانيها لبنان، وقد ضخّمت خطَر وجود اللاجئين السوريين في الأراضي اللبنانية، حتى إنها عدّته خطرًا وجوديًا يُهدد التوازن القلق للتركيبة الطائفية للبنان ومستقبله. وأدّت عمليات التحريض إلى فرض إجراءات قاسية وعمليات تضييق على السوريين في مختلف قطاعات الحياة، بغية إجبارهم على الخروج من لبنان.
وبحسب موقع مركز حرمون للدراسات المعاصرة، المهتمون بقضايا السوريين، في تقرير لهم في مايو 2024، أوضحوا أن هناك أزمة بتوصيف الوضع القانوني للسوريين في لبنان، حيث تسميهم السلطات اللبنانية “نازحين” أو “نازحين اقتصاديين” أحيانًا، وفي المقابل تصفهم بـ “اللاجئين” عند التفاوض مع الدول والمؤسسات الدولية. لذلك، فهي تعتبر السوريين نازحين لا لاجئين، وأن عليهم العودة إلى ما تسميها “مناطق آمنة”.
ويُقدر عدد المخيمات بنحو 3100 مخيم عشوائي في البقاع والشمال، فيما يقدّر عدد مجمل السوريين في لبنان بنحو مليونين، 800 ألف شخص منهم هم لاجئون رسميًا، وهذه أعلى نسبة لعدد اللاجئين مقارنة بعدد سكان الدولة المضيفة، ويفتقر قسم منهم إلى التصاريح القانونية للإقامة، ما يعرضهم للترحيل وللعمل بشكل غير رسمي، إضافة إلى الصعوبة في تسجيل أبنائهم في المدارس، وترافق ذلك مع إغلاق أكثر من 500 مؤسسة للسوريين، إضافة إلى اعتقال المئات في 12 مايو 2024.
ويستلزم تسجيل مولود في لبنان الحصول، كخطوة أولى، على إشعار ولادة من المستشفى. ويتمتع اللاجئون السوريون في لبنان بإمكانية الحصول على رعاية صحية مدعومة، بحيث يُطلب منهم دفع جزء من التكلفة. وإذا أصبحت التكلفة مرتفعة، كما في حالة إدخال الطفل حديث الولادة العناية المركزة مثلاً، ترتفع نتيجة لذلك الحصة المكلف بها المريض أو ذووه. وحين لا تستطيع أسرة تحمل التكلفة الإضافية، تلجأ بعض المستشفيات، وفق ما وثق المجلس النرويجي للاجئين، إلى حجز ثبوتيات (مثل هوية الوالدين، أو إشعار الولادة) بشكل غير قانوني. بل وقد يلجأ المستشفى إلى “إبقاء” المواليد الجدد لديه، حتى يدفع الأهل التكاليف المترتبة على الرعاية الصحية.
ويعاني اللاجئين السوريين في لبنان من تسجيل المواليد الجدد، فلا تقتصر المسألة على تكلفة المواصلات، بل أيضًا الخشية من الاعتقالات التعسفية على الحواجز العسكرية/الأمنية. وكون 22% فقط من اللاجئين السوريين في لبنان يقيمون في هذا البلد بشكل قانوني، فإن كثيرين يترددون بشأن التوجه إلى المؤسسات الحكومية الإدارية، لاسيما بعد قرار المجلس الأعلى للدفاع بترحيل السوريين الذي دخلوا لبنان بشكل غير قانوني بعد أبريل 2019.
تسجيل الهوية للسوريين/ات في تركيا.. شبه مستحيل
يقول السوريون، الذين وصلوا إلى تركيا مؤخرًا، في تقرير تابع لـ “بي بي سي التركية”، في ديسمبر2023، إن الحصول على وضع “الحماية المؤقتة” أصبح الآن شبه مستحيل. حيث أوضح “ماهر”، البالغ من العمر 23 عامًا، والذي جاء إلى تركيا من سوريا قبل ستة أشهر لتلقي العلاج من الحروق الناجمة عن انفجار، إن التسجيل في أنقرة مغلق الآن، كما هو الحال في العديد من المدن الكبرى.
بينما أوضح “ياسر”، لـ “بي بي سي التركية”، والذي جاء مع عائلته في إسطنبول منذ 5 سنوات، كلاجئ من الحرب في سوريا، وتم تسجيله على أنه يعيش في أنقرة، وليس إسطنبول، لتأخذه الشرطة عندما قامت بحملة تفتيش وثائق الجميع بالمصنع الذي يعمل به بإسطنبول، ليرسل بعدها إلى مركز ترحيل في توزلا، على مشارف المدينة، ثم إلى مرسين، على بعد 150 كيلومترًا من الحدود السورية.
من الواضح أن معاناة اللاجئين/ات بإختلاف جنسياتهم ما زالت تهدد مستقبل أبنائهم، وهناك دول تعرقل تسجيل اللاجئين/ات، بينما البعض الآخر يمد لهم يد المساعدة، لتكون المفوضية السامية للأمم المتحدة هي سبيل آمن لعدد كبير من اللاجئين/ات في دول مختلفة حول العالم.