في السنوات الأخيرة انتشرت العديد من الحوادث المتعلقة بالتحرش ومحاولة الاختطاف للنساء بمختلف أعمارهن في المواصلات المصرية المختلفة، سواء كانت عامة أو خاصة أو من سيارات النقل الذكي، وتزايدت بشكل ملحوظ مع بداية عام 2024، مما أثار الجدل وأهمية تسليط الضوء عليها فتلك الحوادث المتكررة تطورت إحداهن ووصلت لمقتل شابة مصرية عشرينية، و هذا ما دعانا لرصد هذه الحالات، وكأن على رأس أولويتنا لدراسة تلك الوقائع المتكررة والإمعان فيها من حيث إختلاف تفاصيلها وتزامن حدوثها بهدف توخي الحذر وتوعية الفتيات و النساء أولاً، والحث على أن يكون هناك عقوبة رادعة لمرتكبي تلك الجرائم وعدم تكرارها.
وكانت بداية الاهتمام بهذا التصنيف من الوقائع مع تكرار مثل هذه الحوادث ضد النساء بكثرة في مختلف أنواع المواصلات المصرية، هي حادثة الفتاة العشرينية “حبيبة الشماع”، والتي عُرفت إعلاميًا باسم “فتاة الشروق”، التي ضحت بحياتها واضطرت إلى القفز من سيارة النقل الذكي، على أمل النجاة بنفسها، بعد شعورها بالخوف الشديد من محاولة اختطافها من قبل سائق السيارة.
وبعد هذه الحادثة الأشهر، رصدنا حوالي 11 واقعة لنساء وفتيات بمختلف أعمارهن، تعرضوا لمحاولات اختطاف وتحرش في المواصلات العامة أوالخاصة، وهو ما سنستعرضه في التقرير التالي، منذ بداية 2024 وحتى شهر أبريل الجاري.
وبموجب هذا التقرير الرصدي، توصلت مبادرة “صوت لدعم حقوق المرأة” لعدد حالات الاختطاف والتحرش بالنساء في وسائل المواصلات المصرية، عن طريق أخبار منشورة عبر مواقع إلكترونية لصحف مصرية تنوعت بين صحف خاصة وقومية مما يعتد بها كمصدر أساسي للمعلومات والبيانات.
إحصائيات حوادث الاختطاف والتحرش بالنساء في وسائل المواصلات المصرية
وفقاً لعدد النساء التى تعرضن للخطر في محاولات تحرش أو تهديد وترهيب أو محاولة اختطاف كانوا 11 سيدة وفتاة، منذ بداية 2024، وحتى الآن، جاء ذلك في نطاق 4 محافظات مختلفة، وهم محافظة القاهرة ترأست القائمة بواقع 4 حالات، ثم محافظة الجيزة بواقع حالتين، ومحافظة شرم الشيخ بواقعة حالة واحدة فقط، وكانت هناك 3 حالات بمحافظات غير معلومة.
ووفقاً للفئة العمرية تراوحت أعمار الضحايا/الناجيات من 15 إلى 35 عامًا، فجاءت الفئة العمرية من 15 إلى 25 عامًا بها 3 نساء، وحالتين في الفئة العمرية من 25 إلى 35 عامًا، بينما كان هناك 6 حالات لنساء غير معلوم أعمارهن بحسب الوقائع المرصودة.
وبتصنيف تسلسل الشهور، لم يشهد شهر يناير أي وقائع لجرائم اختطاف أو تحرش في المواصلات، وبدأت الحوادث بشكل فعلي في شهر فبراير بواقع 3 حوادث، وشهر مارس بواقع 7 حوادث، والمنتصف الأول من أبريل بواقع حادثً واحد فقط.
تنوعت أسباب الحوادث في المواصلات المصرية، لتشمل مرتان تهديد وترهيب لنساء، و3 مرات محاولة اختطاف، و6 مرات لحالات تحرش.
وقد اختلف مكان ارتكاب الوقائع أيضًا، حيث كان هناك 4 جرائم مرتكبة في المواصلات العامة، وجريمة في المواصلات الخاصة، و6 حالات لنساء في سيارات توصيل ذكي.
أما عن صفة الشخص مرتكب الجريمة وفقًا لما تم رصده: قد رصدنا 9 حالات لنساء تعرضن للتحرش أو محاولة اختطاف من سائق السيارة، وحالتين أخرتين لنساء تعرضن للتحرش من ركاب مرافقين بنفس المواصلة.
حصاد محاولات الاختطاف والتحرش بالنساء في وسائل المواصلات المختلفة منذ بداية عام 2024
شهر فبراير 2024
في 11 من شهر فبراير، تمكنت الأجهزة الأمنية من كشف ملابسات ما تم تداوله على أحد الحسابات على موقع التواصل الاجتماعى “فيس بوك” بشأن تضرر صاحبة الحساب، من سائق بإحدى شركات التوصيل الذكي، حيث أفادت الشاكية أن السائق تعمد تغير الطريق الأساسي للرحلة، وحال طلبها منه العودة للطريق الرئيسي قام بنهرها وإجبارها على الترجل من السيارة مما يعرض حياتها للخطر.
وفي يوم 25 من نفس الشهر، كانت الواقعة الأشهر في حوادث تضرر النساء من المواصلات، وهي واقعة قفز حبيبة الشماع، المعروفة إعلاميًا باسم “فتاة الشروق”، البالغة من العمر 24 عامًا، من السيارة أثناء سيرها، عند استقلالها سيارة سائق يعمل عبر تطبيق التوصيل الذكي “أوبر” في الطريق إلى الرحاب، حيث قام السائق برش “اسبراي” داخل السيارة، مع إغلاق النوافذ، وذلك بالإضافة إلى قيادته بسرعة كبيرة على طريق السويس، مما بث الرعب في نفس الفتاة، وشعرت أنها بصدد محاولة خطف، لتقرر القفز من السيارة، مما أدى لإصابتها بكسور ونزيف في المخ، حتى توفيت يوم 14 مارس، بعد حالة إغماء طويلة في المستشفى، استمرت لحوالي 21 يومًا.
وكانت أجهزة الأمن بوزارة الداخلية، كشفت عن ملابسات الواقعة، وتمكنت قوة من مباحث التجمع الخامس بمديرية أمن القاهرة، من ضبط السائق المشتبه فيه، وهو سائق يعمل على سيارة ملاكي ضمن منظومة لأحد تطبيقات النقل الذكي، بعد تحديد خط سيره وهروبه، من مكان الحادث بطريق السويس، وألقي القبض عليه داخل منزله بإحدى المناطق، في محافظة الجيزة، وقامت الجهات المختصة بإحالة السائق المتهم للمحاكمة الجنائية أمام محكمة الجنايات.
وفي يوم 15 أبريل 2024، قررت محكمة جنايات القاهرة، بمعاقبة سائق أوبر المتهم بمحاولة خطف حبيبة الشماع، بالسجن المشدد 15 سنة وتغريمه 50 ألف جنيه، وإلغاء رخصة القيادة وإحالة الدعوة المدنية إلى المحكمة المختصة.
وقد تكررت نفس الحادثة مرة آخرى، في يوم 27 فبراير 2024، بعدما أقدمت سيدة في العقد الرابع من العمر، بالقفز من السيارة، التابعة لإحدى شركات التوصيل الذكي، أثناء توصيلها إلى مكان آخر، فبمجرد وصول السيارة إلى طريق الواحات قامت السيدة بالقفز من السيارة فجأة بعد أن شعرت بمحاولة اختطاف السائق لها، وأصيبت بكدمات وسحجات. وذكرت الضحية أنها خافت من مصير “حبيبة الشماع”، ولكن هذه المرة قام السائق بتسليم نفسه وتصالح الطرفين داخل قسم الشرطة.
شهر مارس 2024
في يوم 15 من شهر مارس، حررت فتاة، تبلغ من العمر 23 عامًا، محضرًا بمركز شرطة دكرنس محافظة الدقهلية، اتهمت فيه سائق سيارة أجرة “ميكروباص” بالتحرش بها حال استقلالها السيارة بجواره. وقالت الفتاة إن السائق فتح سوستة البنطلون وأخرج عضوه الذكري بقصد التحرش بها، وأنها تمكنت من إلتقاط مقطع فيديو مصور للواقعة، وبمواجهة المتهم اعترف بارتكابه للواقعة، وتحرر محضر عن ذلك.
وفي 19 من نفس الشهر، تقدمت طالبة عشرينية تدعى “يارا”، بكلية طب أسنان، ببلاغ في الجهات الأمنية، تتهم فيه سائق بإحدى شركات التوصيل الذكي “ديدي”، بالتحرش بها ومحاولة هتك عرضها أثناء توصيلها من الجامعة إلى منزلها بمدينة السادس من أكتوبر خلال نهار رمضان، حيث سقّط بنطاله أثناء قيادة السيارة، وعلى الفور تم رصد السائق والقبض عليه، وبسؤاله عن البلاغ المحرر ضده، أنكر التهم الموجهة إليه قائلًا: البنطلون نزل غصب عني أنا وماشي في الطريق دي زي بنتي”، والجدير بالذكر أن الفتاة تصالحت وتنازلت عن المحضر المحرر ضده بحسب مصادر أمنية.
وفي 20 مارس 2024، تقدمت فتاة أجنبية، تابعة لدولة كوريا الجنوبية، تبلغ من العمر 34 عامًا، باتهام شاب بالتحرش بها وهتك عرضها، أثناء رحلة من شرم الشيخ إلى القاهرة، داخل أتوبيسات إحدى شركات النقل، حيث قام الراكب بملامسة منطقة حساسة من جسدها تحمل “تاتو”، عدة مرات، وذلك حال تواجده بالجلوس بالمقعد الخلفي بالضحية، وقد رغبت المبلغة في إثبات الحالة، وقدمت مذكرة مثبت بها أقوالها وتم ترجمتها باللغة العربية.
ويبدو أن شهر مارس يحمل الكثير من الحوادث للنساء بالمواصلات المختلفة، ففي يوم 22 من نفس الشهر، اتهمت فتاة أجنبية أخرى تحمل الجنسية المكسيكية، ومن أصول مصرية وسودانية، سائق بشركة توصيل ذكي، بالتحرش بها، حيث لمست يداه ساقيها وقال لها عبارات وإيماءات جنسية صريحة، وقامت بتوثيق الواقعة بمقطع فيديو، وأوضحت من خلاله أنها فكرت في القفز من السيارة على غرار حادثة “حبيبة الشماع”، وقامت الأجهزة الأمنية بالتواصل مع الشاكية وتحديد هوية السائق المشكو في حقه، وتحرر المحضر اللازم بالواقعة.
وفي يوم 27 مارس، اتهمت إحدى الفتيات، سائق بشركة توصيل ذكي، بتهديدها بعد نقاش دار بينهما عن أزمة “حبيبة الشماع”، حيث حاول السائق إقناع الفتاة بأن السائق زميله المتهم في هذه الواقعة مظلوم على حسب وصفه، وبعدها أخرج زجاجة من سياراته وقال لها “دي إزازة بنج زي واقعة حبيبة الشماع”، وقام بترهيبها، وعندما حاولت فتح باب السيارة قال لها “ماتخفيش دي بيرفيوم”، وقام بحركات غريبة، على حسب ما نشرته الفتاة على موقع. “X”، ولم يتم تحرير محضر بذلك
وفي يوم 31 نفس الشهر، أقدمت فتاة بالشروق بالقفز من سيارة ميكروباص بالقرب من البوابة “2”، أثر محاولة اختطافها، بعد أن سلك طريق آخر غير طريقها ورفض إنزالها، وتقدمت الفتاة ببلاغ رسمي تتهم فيه السائق بمحاولة اختطافها، وبعد سماع أقوالها، اصطحبت جهات التحقيق الضحية إلى مسرح الواقعة لمعاينة المكان، وطلبت النيابة سرعة تحريات المباحث للوقوف على ملابسات الواقعة.
وفي نفس اليوم، اتهمت فتاة أحد ركاب المترو، بالتحرش بها وتوجيه إيحاءات جنسية لها داخل إحدى محطات مترو الأنفاق بالخط الأول، وذلك وقت الإفطار، وبعدها اتجهت الفتاة لنقطة شرطة داخل المترو، لتحرير محضر بواقعة التحرش وإثبات حالة التعدي عليها، وعلى الفور تشكل فريق من رجال المباحث لكشف ملابسات الواقعة، ولفحص وتفريغ كاميرات المراقبة، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.
شهر أبريل 2024
في يوم 3 من شهر أبريل الجاري، ألقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة، القبض على سائق “تاكسي” بتهمة محاولته التحرش بسائحة تحمل الجنسية البريطانية، وذلك أثناء استقلالها معه لتوصيلها بإحدى شوارع القاهرة، حيث أوضحت الضحية أن السائق قام بالنظر إليها نظرات “مريبة” وداعب عضوه الذكري وطلب هاتفها. ومن ثم تم ضبط السائق المتهم والسيارة وتم تحرير محضر بالواقعة وتولت النيابة العامة التحقيق.
فيما تقدم أعلاه هو استعراضًا وليس شاملاً لأبرز حالات الاختطاف والتحرش بالنساء في وسائل المواصلات المصرية المختلفة، العامة والخاصة وسيارات التوصيل الذكي، والذي جاء بهدف الوقوف على أهمية سن عقوبة رادعة ضد مرتكبي تلك الجرائم، والتأكيد على أحقية النساء في الحصول على كافة وسائل السلامة والآمان أثناء استقلالها أي وسيلة مواصلات سواء كانت عامة أو خاصة.