أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 17 أكتوبر من كل عام للاحتفال باليوم الدولي للقضاء على الفقر، وذلك منذ عام 1987، حيث تجمع في ذلك اليوم ما يزيد عن مائة ألف شخص تكريمًا لضحايا الفقر المدقع والعنف والجوع. وقد أعلن عدد كبير من الأشخاص التي تم تجميعهم في هذا اليوم، أن الفقر يشكل أكبر انتهاكًا لحقوق الإنسان، وطالبوا بتضافر الجهود بهدف احترام حقوق الإنسان المُتفق عليها. ومنذ ذلك الوقت وأصبح المهتمون بهذه القضية يجتمعون سنويًا للتأكيد على ضرورة القضاء على الفقر عالميًا. وقد وضع البنك الدولي هدفًا في 2013 بإنهاء الفقر المدقع في خلال عقد من الزمن بحلول 2030، وهذا ما نتمناه حقًا.
وبما أننا نناشد في حملة مطولة على جميع الصفحات الرسمية الخاصة بمبادرة “صوت لدعم حقوق المرأة”، حق المرأة في التعليم، وأسباب تسرب الفتيات من التعليم وحرمانهم عمدًا منه، وذلك خلال شهر أكتوبر، فدعونا نلقي الضوء على أن أحد أهم أسباب التسرب من التعليم هو الفقر، فقد أوضح “مشروع الحق في التعليم التابع لمنظمة الأمم المتحدة” أهم الاسباب التي تمنع الفتيات من الذهاب إلى المدارس، وكان أولها “الفقر”، حيث ترى الأهالي أن تكاليف التعليم بما يحيط به من مصروفات، تعد باهظة الثمن عليهم، ليقرروا منع بناتهن من استكمال تعليمهن، والوقوف حد المرحلة الإبتدائية، أو التعليم الأساسي فقط.
الفقر وعلاقته بالتسرب من التعليم
على الرغم من التقدم في شتى المجالات خاصة الاقتصادية، إلا أنه لا يزال الملايين من الناس يعيشون فقرًا مدقعًا، حيث يبلغ عدد الفقراء حول العالم ما يزيد عن 1.3 بليون شخص، وهذا بالتأكيد يؤثر على تعليمهم، حيث يضطر معظم الأشخاص الذين يعانون من الفقر إلى حرمان أبنائهم وخاصة بناتهم من التعليم.
وكان مشروع الحق في التعليم التابع لمنظمة الأمم المتحدة، أوضح في تقارير خاصة به، أنه على الرغم من التطور إلا أنه ما زال هناك تمييز عنصري في كافة أنحاء العالم ضد النساء في الحصول على التعليم، فهناك 57 مليون طفل عالميًا لا يدرسون في المدارس، منهم 31 مليون فتاه، وثلثي الكبار غير المتعلمين هم من النساء. وأكدوا على أن العدد الأكبر ممن يتركون الدراسة هم من الفتيات أكثر من الفتيان وخاصة في المناطق الريفية.
وهنالك العديد من الأسباب التي تمنع الفتيات من الذهاب إلى المدارس، وفقًا لما أوضحه مشروع الحق في التعليم، وتتمثل في: الفقر، والحمل، والعنف المدرسي، والزواج المبكر، بالإضافة إلى العادات التي تميز على أساس النوع الاجتماعي، وهي من المعيقات الرئيسية التي تعيق تعليم الفتيات في جميع أنحاء العالم.
فتسبب الرسوم المدرسية والتهديد بالعنف سواء في المدرسة أو في الطريق إليها، وعائدات عمل الفتيات في المنازل، من حرمان الفتيات من التعليم، كما يقطع الحمل والزواج المبكر مسيرة الفتيات التعليمية قبل أن يكملن التعليم الثانوي.
ونحن نرى أنه من واجبنا تسليط الضوء على أهمية تعليم الفتيات، فالتعليم لا يعتبر امتيازًا، بل هو حق من حقوق الإنسان، فالقوانين الدولية تضمن تعليم الجميع دون أي تمييز، كما أنها تُلزم الدول بحماية الحق في التعليم واحترامه وإعماله، وذلك عن طريق مسائلة الدول عن انتهاك الحق في التعليم وحرمان أحد ما منه.
رسالة الأمم المتحدة عن اليوم الدولي للقضاء على الفقر 2023
يهدف اليوم الدولي للقضاء على الفقر، إلى تعزيز التفاهم والحوار بين من يعيشون في فقر وبقية أطياف المجتمع. ويعتمد موضوع هذا العام على شهادات مباشرة تُظهر أن من يعيشون في براثن الفقر المدقع غالبًا ما يعملون لساعات طويلة ومرهقة في ظروف خطيرة وغير منظمة، لكنهم مع ذلك عاجزين عن كسب ما يكفي لإعالة أنفسهم وأسرهم بشكل مناسب.
ويدعو موضوع هذا العام إلى حصول الجميع على العمل اللائق والحماية الاجتماعية بوصفها وسيلتين من وسائل دعم الكرامة الإنسانية لكل الناس، والتوكيد على أن العمل اللائق يجب أن يحسن من أحوال الناس، ويتيح أجورًا عادلة وظروف عمل آمنة، فإن احتفال هذا العام هو فرصة للتضامن مع الأشخاص الذين يعيشون في الفقر، والاستماع باهتمام إلى كفاحهم اليومي، وتجديد الالتزامات بإنشاء اقتصاد عادل يركز على حماية رفاهية الإنسان والبيئة عوضًا عن تعظيم المكاسب المالية. والهدف النهائي هو القضاء على الفقر تمامًا بتهيئة الظروف التي تمكن كل فرد من العيش بكرامة.
وفي النهاية، دعونا نركز على أن الآثار السلبية لحرمان الفتيات من التعليم ضخمة، فلا يكفي ضمان التعليم الابتدائي للجميع، إذ أن فوائد التعليم أكبر بكثير في مراحله الثانوية والعليا.
